في ليلة زفافي ، نمت وأنا أرتدي بيجاما قطنية سخيفة ، بنطلون أزرق مبكر بالأبيض وبلوزة بيضاء ، في منتصفها زهرة تيوليب صفراء تبتسم وتغمز ، بيجاما سخيفة ومريحة وتفي بالغرض ، تقول : لا تفكر في لمسي ، لم أكن راغبة بالتعرف على الرجل الذي صار زوجي ، عندما تم دفعي إليه باليد الغليظة لأخي الكبير ، وهو بالكاد يقول : مبروك
حفل الزفاف:
توقفت طوابير من السيارات في الخارج ، ظن الضيوف بأنهم أخطئوا المنزل ، وكانوا يتساءلون : أين الدفوف والضيوف ، أين الزغاريد ، وأين لمبات الزينة ؟! ، فتحت لهم الخادمة السيلانية الباب ، وهي تشير لهم للدخول إلى غرفة الجلوس ، هناك دخل فارس وأمه وأخته وخالتاه وعماته الثلاث ، وبضع من بنات عمومته ، بانتظار أن تبدأ الحفلة ، فأرادت أمه أن تتأكد فسألت : الملكة اليوم مو ؟وأخذوا جميعاً يراجعون التاريخ في رؤوسهم ، وفي أجهزة هواتفهم الخلوية ، وشعرت الأُختان بالضيق من تسريحات الشعر الكبيره ، التي تنطح السحاب إلى فوق ، من صيغة المبالغة في الفرح ، مقابل انعدام المبالاة الصارخ الذي أظهره سكان هذا البيت ، بيتنا !
دقائق ونزلت لهم واضحة بنت أخي ، أخبرتهم بأن العروسة مازالت تستعد ، دقائق أخرى ودخلت زوجة أخي بدرية متدثرة بعباءتها ، وطلبت من فارس أن يجلس في الديوان ، لأن صقر سيوافيه هناك بعد دقائق
الانتظار :
لم تكن مجرد دقائق ، فقد انتظر فارس لما يقارب الساعة ، عندما فتح الباب ودخل أخي الكبير صقر ، وتوسّد مساند السّدو إلى جانبه وشاركه مصمصة الحب الشمسي ، متجنياً أي حديثٍ من شأنه أن يفضي إليّ ، أنا ذبيحة العرس الهزيلة
اللقاء الأول :
نصف ساعة أخرى وكنت قد صعدت إليهم ، مثل ميت يبعث من قبره ، ذاب جسده في التراب كثيراً ، كانت بدرية قد اشترت لي بدلة من الشيفون الأبيض ، أقرب شيء ممكن لفستان الزفاف ، في ظل الغياب السافر لكل أشكال الفرح ، دمدم الضيوف باستنكار لأني أتيتهم بلا زفة ولا زغاريد ، حاملة حقيبة ملابسي بالكاد .. أسرعت تشاندرا وانتزعتها من يدي ، نظرت في الجوار أبحث ، أين هو الرجل الذي صار زوجي ؟احتضنتني بدرية وهي تأخذ بيدي إلى الديوانية لأرى العريس ، لم أكن أفكر في فارس ، كنت أفكر في أخي صقر ، ما الذي سيقوله لو رآني بفستان الشيفون الشفاف ؟ شعرت بحرارة جسدي ، شرعت النساء في الزغردة ، انضمت إليهم بدرية ، واضحة أشاحت بعينيها واكتفت أن تمشي في آخر الرّكب ، وعند باب الديوانية دفعتني بدرية للدخول ، لم أنظر إلى فارس ، وصقر لم ينظر إليّ ، مبروك ، قالها وهو يحّدق في السجاد
هذه هي إذا تفاصيل حفل الزفاف ، بهدوئه المشبوه وصمته الجنائزي ، صعدت إلى الليموزين بجانب فارس ، تلامست أيدينا بالخطأ فسحبت يدي إلى داخلي ، أدخلتها في أكمامي ، نظرّ إليّ بدهشة أشحت ، فقال للسائق : إلى الهيلتون
الطريق:
طول الطريق كان ينظر إليّ ، إلى أظافري المطلية وهي تختبئ خلف أكمام الفجيعة ، دخلنا الجناح الفندقي كان جميلاً جداً ، الأريكة تلتف حول نفسها في الزاوية ، بلونها البيج ووسائدها البنية والحمراء والزيتية ، غطاء السرير أبيض قطني ، مثل غيمة طافية ، شاشة تلفزيون قياس 22 بوصة ، مطبخ تحضير أسود صقيل ، النوافذ تمتد إلى الأبد ، شعرت بدوار ، أسدلت الستائر جميعها والتفت إليه
كان جالسًا على طرف السرير المزدوج ، يتملى في بكثير من اللافهم ، كان يجاهد لأجل التغاضى عن إحساسه بالغبن ، غالب نفسه وابتسم ابتسامة صغيرة ، في تلك الابتسامة اكتشفت وسامته ، كان يجد بي أن أبتسم ، قال : أنتِ جائعة ، قلت : لا ، فقال : حجزت لنا على العشاء ، قلت : أنا متوعكة قليلاً ، ترددت قليلاً ثم قلتها : إنه موعدي الشهري ، أحمر قليلاً وأجاب بتهذيب : سلامتك لا داعي للخروج سنأكل في الجناح
مرور الوقت :
رفع السماعة ليطلب العشاء ، وكنت أنا في الحمام أتأمل بكثير من اللاتصديق الحجم الخرافي للجاكوزي ، بعد سبع سنوات من الاستحمام واقفة ، أقفلت باب الحمام عليّ ، وجلست على الحافة الرخامية الباردة ، وكانت المرآة أمامي تبتسم وتقول لي : يا لك من شيطانه يا خديجة ، تحبين الجاكوزي أكثر من رجلك في الخارج ! ضحكت ، و أنا أمسح بيدي السطح الصقيل الأبيض الرائع لهذا الشيء المتقن في جماله ، والذي سيأخذنني في جوفه خلال دقائق ، فتحت الصنبور ، وتدفق شلال المار الحار ، وامتلأ المكان بالبخار وعبق اللافندر ، أفرغت كل زجاجات الصابون ، وصنعت كثيراً كثيراً من الفقاقيع ، غمست نفسي هناك لساعة ، لساعة كنت ألعب وكنت الطفلة التي كنتها
أنا وفارس :
عندما خرجت من الحمام وأنا أجفف شعري بالمنشفة ، كان فارس يجلس على الأريكة المقابلة للتلفزيون ، يبحث عن فيلم يتفرج عليه ، ولما رأى هيئتي اللاعرائسية وبيجامتي الساذجة ، ابتسم بتكلف وأطرق برأسه ، لقد فهم الرسالة جيداً
قال معاتباً وهو يشير إلى الطاولة بأطباقها المعدنية المغطاة : لقد برد العشاء ، جلست على الكرسي المقابل ، أكلت بعض عيدان البطاطا ، أمعنت النظر في اللازانيا ولم أتجاسر لآكل ، كان وجود ذلك الرجل الذي صار زوجي يقلق معدتي ، بالكاد أكلت ، وبالكاد أكل ، ولم يكن أيّنا سعيداً بالآخر ، وكان الصمت هو سيد المكان
شكرته وذهبت إلى الحمام أنظف أسنانى ، عندما خرجت وجدته قد دفع الأريكة الطويلة أمام شاشة التلفزيون أكثر قليلاً ، ورص عليها بعض الوسائد قال لي : تعالي هنا بجانبي نتفرج على الفيلم قليلاً ثم ننام ، قالها وهو يفرك راحة يده بسطح الأريكة إلى جانبه
أنا متعبة .. سأخلد إلى الفراش ، قلت ذلك وأنا أدفن نفسي تحت اللحاف ، وفي سبيل مزيد من الوقاية ، لففت اللحاف عليّ ، أطفأت جسدي وأقفلت مسامي ، ونأيت بي إلى داخلي ، أنا دودة الأرض ، بردانة ؟ يمكنك أن تجد لحافاً آخر في الدولاب : تصبح على خير ، ساد الصمت ثم جاء جوابه : وأنتي من أهله