بين الأمهات العرب الكثير والكثير من قصص الكفاح والتضحية في سبيل النجاة بأولادهم ، منهم من تخلى عنها زوجها أو توفى وتركها هي وأولادها في مهب الريح ، ومنهم من كافحت وناضلت وسهرت وتألمت لمرض أبنائها مرضًا خطير أو مزمنًا ، وفي هذا المقال سنتحدث عن قصة واحدة من أمهات العرب الذين كافحوا في الحياة بعد وفاة زوجها وأوصلوا أسرهم إلى بر الأمان
بداية القصة :
تحكي لنا سميرة عن قصة كفاحها منذ عام 1994 ميلاديًا ، عندما توفى زوجها بعد عاميين ونصف من زواجهم وترك لها طفلين الأولى نجوى تبلغ من العمر عاميين والصغير علاء وكان يبلغ حينها 5 أشهر فقط
معاناتها في ظل معيشتها البسيطة :
عملت نجوى في مهنة الفلاحة وحملت الفأس وزرعت حتى تستطيع أن تُوفر نفقات معيشتها وتربي طفليها ، وكانت تعيش بأولادها بغرفة يعلوها سقف من قش الأرز وزعف النخيل ، كانت سميرة تحلم بأن تعيش بأولادها في غرفة يعلوها سقف أسمنتى أو حتى خشب فهو أفضل من تساقط الأتربة عليهم والمطر في الشتاء بداخل عشتهم التي يسكنون فيها
وتحدثت سميرة عن نشأتها في أسرة فقيرة وحلمها منذ طفولتها بأن تتعلم في المدارس ولكن ظروفها المعيشية منعتها من حلمها فتزوجت من رجلًا أكبر منها بـ 30 عامًا وكان يعمل صيادًا ، وعندما رحل وتركها هي وأولادها ، فقررت سميرة أن تحقق حلمها في التعليم وذلك بإرسال نجوى وعلاء أولادها إلى المدرسة
وقد حملت تلك الأم العشيرينة لقب أرملة وحملت معه مسؤولية طفلين ومستقبلهما ، فكانت تستيقظ في الصباح الباكر فجر كل يوم ، وتذهب لحقلها الصغير وتمسك بالفأس لتزرع القراريط التي تمتلكهم لتأتي بمتطلبات معيشتهم ، أحيطت بالكثير من المشاكل والإهانات من ذويها وأقاربها لرفضها الزواج فبالرغم من صغر سنها إلا أنها قررت أن تعيش لأولادها وتربيهم وتحقق ما حلمت به فيهم
كبر الطفلين والتحقا بالمدرسة مما زاد الأعباء المعيشية على أمهم وبحثت عن مصدر إضافي للرزق ، وقتها فكرت في تأجير حقلها الصغير لأحد الفلاحين وعملت هي كخياطة للملابس على ماكينة خياطة موجودة بمنزل أسرتها
نهاية كفاح سميرة وإنبات ثمرة جهدها :
عاشت هذه الأسرة في معاناة من كل ناحية حتى أن الطفلين كانوا يستذكرون دروسهم على لمبة الجاز ، ووصفت سميرة معاناتها بأنها قد ذاقت الأمرين وتعذبت كثيرًا ورغم كل ذلك لم تستسلم وجاهدت وتحملت كل الظروف في سبيل نجاح أولادها وتعليمهم
وبالفعل تفوق أبناؤها في الثانوية العامة والتحقت نجوى بجامعة القاهرة لدراسة طب الأسنان كما التحق علاء بكلية الطب البشري بجامعة الفيوم ، لم تطلب هذه الأم مساعدة أحد ولم تمد يدها لمخلوق طلبًا للمال ، فقد تحملت المسؤولية بالكامل حتى وصلت لتحقيق حلمها ولم يخذلها أبناؤها
أخذت سميرة لقب الأم المثالية وقد تم تكريمها ومكافأتها وتحدثت عنها الصحف وعن ما قامت به من كفاح مستميت من أجل إيصال أبنائها لأعلى المراتب العلمية ، وقالت نجوى الابنة الكبرى لسميرة أنها كانت تدعو الله أن يوفقها في دراستها من أجل أمها وليس من أجلها هي ، وقد استجاب الله تعالى لدعواتها فأمها حرمت نفسها من ملذات الحياة وعاشت من أجلهم فقط
أما علاء فقال أنه إن أستمر يعمل طوال حياته من أجلها لما أستطاع أن يوفيها ثمن تعبها وشقائها والأيام الصعبة التي مرت عليها من أجل وصولهما إلى تلك المراحل التعليمية ، وقال أنها كان عازمًا على الالتحاق بكلية الطب من أجل إسعادها وإرضائها