قصة عملاق استرالي

منذ #قصص اجتماعية

تقدم منا هذا الاسترالي ، ملوحا لنا بيده وهو يضحك ، فوقفنا لحظة لنعرف ماذا يريد منا هذا العملاق ، والذي ما ان اقترب منا حتى بدا واضحًا الفرق الحقيقي بين ساكني العزب الاسترالية الشاسعة ، وساكني الشقق المصرية الضيقة ، أو لنقل بين آكلي لحوم البقر الاسترالي المشوية بين المزارع ، وآكلي الفلافل المقلية في الزيت في شوراع شبرا ، فقد كان طويلًا وطوله يتجاوز المترين ، وعريضًا بما يملأ العينين ، ويملأ ملابسه أيضًا ، يملؤها حقا وليس كلامًا

السلام :
مد العملاق يده اليمنى لنا للسلام ، ولا يمكن في حالة عملقته هذه إلا أن تسلم عليه ، وتكيل له جل آيات الشكر والامتنان على أن تنازل ومد يده القوية ذات العضلات لكي يسلم علينا ، وينزل عصر في أيدينا الضعيفة

وقال لنا أن اسمه جاك ، والحقيقة أنه كان يجب أن يكون جاكا، فعلا لأن جاك بالانجليزية ، تعني رافعة ، حتى ضحكت في سري على الاسم ، وهممت أن أسأله والقافية تحكم ، حضرتك ترفع كام طن ، لكنى تراجعت بالطبع ، فالجبن سيد الأخلاق ، وحتى لا أكون أنا وزميلي من ضحايا سقوط ذراع تلك الرافعة الضخمة على رؤوسنا ، والذي يمكنه أن يلقينا على مرمي البصر ، والشوارع منحدرة والإسفلت لن يرحم بشرة جلودنا المصرية الرقيقة

نقاش مع العملاق :
ولكن ابتسم جاك ابتسامة كانت مطمئنة بالفعل ، فكل ما كان يريده منا هو التعرف علينا فقط ، كغرباء يتجولون في شوارع البلد ، وقد بدا ودودا معنا ، وتجاذب معنا أطراف الحديث ، واتضح أنه من الخارج مخيف ورهيب ، ومن الداخل أبيض كما اللبن الحليب ، والمظاهر خادعة كثير من الأحيان ، وقد سألنا عن البلد أعجبنا هدوءه ، الذي يقلقه هو شخصيًا : عملاق ولا يثق في نفسه ..وقال أنه لا يحب الهدوء ، وقد كان يتمنى أن يسكن في سيدني أو ميلبورن ، فهو من عشاق المدن الكبيرة المزدحمة ، ، فقلت له أنه ممكن أن يأتي إلى القاهرة حتى يجد ما يسره من الزحام ، ومن التلوث كذلك الذي لم يجده في استراليا في أكبر المدن ، وربما يغير من وجهة نظره تماما عن الزحام بعد الزيارة القاهرية ، وقد يحمد الله على تلك النعمة التي يعيش فيها ولا يشعر بقيمتها

إطالة الحديث :
ظللنا نتحدث معه لمدة تزيد عن ساعة ، ويبدو أن هذا الاسترالي لا يشعر بقيمة الوقت ، على غير معلومتنا عن الانجليز وأحفادهم رعاة التاج البريطاني ، فقد ظل يتحدث معنا في كل شيء ، ولم نستطيع الفكاك منه إلا بصعوبة ،  وكنا كلما هممنا بأن نقول له فرصة سعيدة ، لننصرف بعد أن أصابنا بالصداع ، كان يفتح معنا موضوعًا جديدًا ، حتى علقت له على جملة  قالها لنا ، كانت فصل الخطاب بيننا وبينه ، وتخلصنا منه بشق الأنفس

نساء للمتعة :
كنت من محدثي السفر بالطبع ، وأتكلم على سجيتي وكأنني في مصر ، وكان زميلي يسبقني بأكثر من عشر سنوات ، حتى تطرق الاسترالي في حديثه إلى حياة البحارة على السفن ، وكيف أنهم بعيدون عن الحياة العائلية والنساء ، لفترات ليست بالقصيرة ، سواء من كان منهم متزوجا أو أعزب مثلي في تلك الأيام

وفي استراليا لا يفرقون بين الزواج أو عدمه في تلك الأشياء ، حتى انطلق صاحبنا الذي ظننته عملاقاً ، ليقول لنا إنه من الممكن أن يدلنا على مكان توجد به نساء للمتعة ، وهنا انطلقت أنا وقلت له بالانجليزية أن هذا غير مقبول أخلاقيًا ونحن مسلمون ، وبما معناه أننا مسلمون لا نفعل ذلك خارج نطاق الزواج ، وهنا أتتني ضربة على قدمى من حذاء زميلي ، حتى لا نضيع في خبر كان ، بعدما عرف الاسترالي العملاق أننا مسلمون

عملاق استرالي وحاجه تكسف :
وانصرفنا غير آسفين على هذا الاسترالي ، حتى قال زميلي ناصحاً لا تتسرع بإعلان أنك مسلم في تلك البلاد ، فمن الممكن أن يكون من تتحدث معه يهوديا ً ، فنذهب في خبر كان ، ولكني أيقنت أن ديانة هذا الاسترالي لا تفرق معه كثيرا ، لأن من يعمل في مهنته ، لم يكن غيور على دينه فكما هو واضح أنه عملاق استرالي ولكن حاجه تكسف !!.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك