قصة كيت بائعة الآيس كريم

منذ #قصص اجتماعية

لا يمكن أن تذهب إلى استراليا ولا تتذوق طعم الآيس كريم الاسترالي ، الذي يقال عنه إنه ألذ آيس كريم في العالم ، كنت أسمع فقط بتلك المقولة ولم أصدقها إلا بعد أن تذوقته بنفسي على سبيل سد الجوع ، الذي بدأ يداهمني بعد أن أبليت أرصفة الشوارع من المشي ، حتى رأيت أول محل بقالة صغير ، ميني ماركت ، فدخلت لأشتري أي شيء يسد الرمق ، فإذا بعبوات الآيس كريم المخروطية الشكل هي أول من يرحب بي ، وهي مرصوصة في ثلاجتها في مدخل المحل

كيت بائعة الآيس كريم :
بالإضافة إلى البائعة البيضاء ، التي أتت لتشير إلى أفضل الأنواع بالفستق ، ويكفي أن تقف هي بجانب الثلاجة ، ليكون ألذ وألذ ، حتى لو كان بالفول السوداني ، كانت كيت على وشك اغلاق المحل ، لكنها انتظرت قليلاً حتى تستقبل الزبائن الجدد ، وقد استقبلتنا بابتسامة بداية اليوم ، لا بتكشيرة نهاية اليوم

مواعيد عمل المحلات في استراليا :
على الرغم من ان الساعة كانت تقترب على الثامنة مساءً ، وهذا موعد اغلاق أغلب المحلات في هذا البلد ، فهؤلاء الخواجات لا يحبون السهر مثلنا حتى الصباح ، بل إن يوم العمل يبدأ عندهم غالبا في السادسة صباحاً ، أي مع طلوع الفجر ، فهم يلحقون الرزق مع شروق الشمس والبركة في البكور ، وكلها أقوال نقولها نحن فقط ، أما هم فيعملون بها حتى دون أن يقولوها ، أو حتى دون أن يعلموا بها ، ولله في خلقه شؤون !حكاية كيت :
كانت ابتسامتها الساحرة هي جواز مرور للحديث معها ، فلم تكن متعجلة في الانصراف من العمل كمن لدغه ثعبان ، كما يحدث عندنا مع البعض وربما الكثير ، عندنا ينتهي وقت العمل ويحين معاد الانصراف ، فيبدو أن الحياة الهادئة قد انعكست على أخلاق الناس كذلك في تلك البلاد ، ويا لهذا الزحام والخنقة التي يخلفان للناس العصبية وسوء الخلق في التعاملات

الذين لم نجدهما في ردود كيت ، ابنة الخواجة ريتشارد ، سليل أعرق الأسر الاسترالية ، فقد ظلت استراليا لوقت طويل مأوى للصوص الذين كانت تنفيهم الامبراطورية البريطانية اليها ، والذي يمتلك ، كما قالت لنا ابنته الصغيرة ، ذات الثمانية عشر ربيعاً إلا قليلاً ، مزرعة كبيرة لتربية الأبقار خلف التلال البعيدة ، لكنها لم تعد تحب الاقامة في المزرعة ، وفضلت الاقامة في المدينة والعمل على ذلك الميني ماركت الصغير ، لأنها صارت كبيرة ويجب أن تعتمد على نفسها الآن

الاعتماد على النفس :
وألف حسرة على شبابنا الرجال ، الذين يبلغون من العمر أرذله ومازالوا يعتمدون على آبائهم ، لم يكن أن تقول لنا كيت أن بعض منتجات الألبان التي تبيعها في الميني ماركت تأتي إليها من مزرعة والدها ، والمؤكد بالطبع الآيس كريم الذي التهمته أنا كان من ألبان البقر ، الذي نشأ وترعرع هناك وأكل من البرسيم المنقوع في عسل النحل ، فلم أجد أحلى ولا ألذ من ذلك اللبن الحليب ، فأنت في دولة هي من أكبر مرعى طبيعي في العالم

بساطة كيت :
لم يكن جمال هذه البنت الاسترالية في عينيها البريئتين فقط ، ولا في ابتسامتها الساحرة ، انما هذا الجمال كان يتلخص في بساطتها في كل شيء ، بداية من ملابسها البيضاء البسيطة ، التي كانت واسعة وغير لافتة بالمرة ، إلى العمل البسيط الذي اختارته ، على الرغم من أن صاحب المزرعة التي كانت تبيع منتجاتها بنفسها

مغادرة :
تركتها على باب المحل ، وقلبي يكاد يعتصر ويسيح على مأساتها وشقائها في العمل لدى الغير ، بينما والدها الاقطاعي ومن أغنى الأغنياء ، لكني ركزت في أكل الآيس كريم الذي بدأ يسيح هو الآخر ، وربما لم أستطيع استطعام أي آيس كريم بعد ذلك

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك