الثامنة مساء ، نسائم لطيفة ترسلها النافذة المفتوحة ، تنعش جوغرفة الجلوس المتوتر بصمت ، سؤال يقض مضجعنا منذ فترة : انفصال أم مسافة حقيقية ؟ ما الفرق أليست المسافة بداية الانفصال ؟ هدوء غير مشوب بالحذر
في العيادة :
خرجت من عيادة ، ألف ، مرتبكة قليلاً قبلت اليوم حقيقة وجود الوقائع التي كنت أرفض مواجهتها وأدعي عدم وجودها ، تلاشت حدة أزمة الضمير والشعور بالذنب ، اللذين خيما فوق سمائي ، الأسبوع الماضي
على وشك اتخاذ قراري ، تهدأ موجات التردد ، لست خائفة ، أحمل هماً لكني لست خائفة ، مستعدة لخوض غمار المجهول من دون أي خريطة ، لكني لست خائفة ، لطالما اطلعت على ما يمليه قلبي وهذا القلب يملي عليّ اليوم أموراً مخيفة لكني لست خائفة
السيدة العظيمه :
لا أنا أكذب ، أنا خائفة قليلاً ، لكني سألحق قلبي ولماذا سأغير عاداتي الآن بعد كل هذا العمر ؟ تستعد أم كلثوم للشدو بأغنية ، نون ، المفضلة لديه الأطلال قد يستغرب البعض ، لكني لم أستسغ سماعها يوماً ، وفي كل مرة تشدو فيها ، أسمعها في الخلفية ، لم أجلس يومًا بهدف الاستماع واكتشاف أسرار السيدة ، أعرف أنها عظيمة ، لكنها لم تدغدغ أحاسيسي مرة ، في هذه اللحظة أستمع لها للمرة الأولى بجدية وتركيز ، أكتشف أن كثيراً من الجمال فاتني
تفاهم ونقاش :
محاولة فاشلة من ، نون ، للغناء معها قمعته سريعاً : صحيح أن صوتك أهم بكثير من صوتها ، لكن دعنا نستمع إليها وحدها هذه المرة ، وافق مكتفياً بأرجحة رأسه واغماض عينيه ، يا فؤادي لا تسل أين الهوى كان صرحاً من خيال فهوى ، لحظات ويسود من سبب مجهول ، جو من الود والمزاح ، يسألني نون : إذا متّ ، هل تحزني عليّ ؟ ، أجبته : مفترض أنه ايه ؟؟ ، نون : كم سيطول حدادك ؟..أجبته : هو أبي حديت عليه شهر! نون : أهم من أبيك أنا أم لا ؟ أجبته : مش كتير ، تنشد أم كلثوم في الخلفية : أين في عينك ذياك البريق ..الشك :
يسود الصمت مرة أخرى ثم يسأل نون : هل تملكين شكوكاً حول مدى حبي لك ؟ أجبت : لم يراودني الشك لحظة سأل نون : ولا مرة ؟ أجبت : أبداً قال نون : الآن تشكين ؟ كما أنا أشك ؟أنا شككت بك مرة واحدة في العمر ، عندما كنا في باريس صمت وتغني أم كلثوم في الخلفية : أعطني حريتي أطلق يديّ وإلام الأسر والدنيا لديّ
مزاح :
قال نون : ما في أحد غنى أجمل من هذه الانسانة ! واستطرد قائلا : أريد أغنية الأطلال في لحظة دفني ، وأريدها نسخة حفلة وليس استوديو ، وبتتفضلوا تسمعوها للآخر ، أجبته : 50 دقيقة ، لا سأتصرف بها في المونتاج وألغي الاعادات فتصبح 3 دقائق ، وتعرف أن لي سابقة في هذا الموضوع ضحك ثم صمت تغني أم كلثوم في الخلفية : أيها الساهر تغفو تذكر ..تذكر العهد وتصحو …عناد :
قال نون : ومن الذي سيمنعك من النوم أكثر من مرة ليلاً ؟ .. أجبته : يا نهار سعدي ، يا ليل سعدي ، سأعود لأنعم بنوم هانيئ كالأطفال ، ليال كاملة بشكل متواصل ، قال : ومن الذي سيدلك كتفك اليمنى قبل النوم ؟ أجبته نعم ، سأفتقد اليد التي تدلك كتفي ، وستحتاج وقتاً للاعتياد على غيابها صمت ، تغني أم كلثوم في الخلفية : فإذا أنكر خل خله وتلاقينا لقاء الغرباء
فإن الحظّ شاء :
قال نون : سيحدث لنا الكثير ، ستكونين خارجة من مجمع بيال ، برفقة أحدهم وسأكون هناك ، وسننظر بعضنا إلى البعض نظرة الغرباء ، حدث لي مرة أن التقيت بإحداهن لقاء الغرباء ، بعد انفصالي السابق ، لكن اليوم وفي هذا العمر ، سأدفنه
ضحك وقال : ستترحمين على الأيام التي كنت فيها هنا ، سأسلط عليك جواسيس ، وكلما خرجت مع أحدهم ، سأدبر أمري لأكسر رجله بعد اللقاء ، ضحك أجبته : هذا اسمه ابتزاز قال : لم أبتزك يوما عاطفياً ، إلا أربع مرات في اليوم ، وهذا ليس ابتزاز ، الابتزاز يكون بشكل متواصل ، من دون توقف ، ليل نهار … ضحك …أجبته : كانت قصة جميلة ، رائعة !!.. قال : ما بحياتنا راح نرجع نقدر نعمل علاقة مثل هذه ولو مع مين كان ، تغني أم كلثوم في الخلفية : فإذا أنكر خل خله .. وتلاقينا لقاء الغرباء .. لا تقل شئنا فإن الحظ شاء ، فإن الحظ شاااااء…