تعرف ثائر عليها في المستشفى ، حيث كان يرقد وكانت هي ممرضة ، وبالطبع لم يكن يرغب أن يصاب بكسور في مناطق متفرقة من بدنه ، مع عدد لا بأس به من الرضوض والكدمات ، لكن الحادث كانت سبباً في اللقاء الميمون
تعارف :
في الواقع كانا يعرفان بعضهما من قبل ، لكن السنوات تنسي بعض من كانوا أصدقاء وأسماءهم ، فكيف بمن كانوا عابرين في خلفية الصورة ، أوكان هكذا على الأقل التبرير الذي ساقه لنفسه لكي يهون من عدم ذكرها له ، بادرها قائلاً : سيهام أليس كذلك ؟استغراب وصدمة :
بدا شيء من الاستغراب على محياها ، ثم انفك بابتسامة وقولها : بلى ، لم تكن قمصان الممرضين تحمل أسماءهم على غرار المسلسلات ، لكنه لم يكن يفعل لو كان أحد غيرها ، ولكن بعض الأشخاص بمجرد حضوره يبرع باستخراج أفضل ما فيك ومنهم العكس ، قالت له : فكرة جيدة ، وسوف أبلغها للإدارة ، .. حسبها تجاريه قبل أن تردف قائلة مشفوعة باستدراك : هو أن الظرفاء يعرفون أسماءنا بلا مساعدة ..وانصرفت !غياب :
بقي مشدوهاً من تطور الأمور ، وخروجها عن سيطرته ، هذا إن كانت قبل تحت سلطانه انتظرها ثائر اليوم ، وقد أعد كلمات اعتذار لفض سوء التفاهم ، بيد أنها لم تطل على غرفته مرة ثانية ، واعتبر من غير اللائق أن يسأل عنها الممرضة الأخرى التي جاءت بدلاً منها
زيارة زملاء العمل :
زاره بعض زملاؤه في الصحيفة ، وأبلغوه تمنيات رئيس التحرير له بالشفاء ، ولما تطرق الحديث بينهم إلى رحلة اليابان ، كانت نبرتهم مواسية ، فتنبأ أحدهم قائلاً : لا عليك يا صاحبي الآتي من الفرص أكثر مما فات ، وزعمت أخرى قائلة : وهل يحدث في طوكيو ما يستدعي التغطية ، فضحكوا .. ربما لأن صاحبة الدعابة أنثى ..تفكير ونسيان الاصابة :
لما غادروا قلب النظر في تقلبات منحنى الحديث العاسر مع سيهام ، فبدلاً من أن يستاء من حدوث الالتباس الذي أنهى كلامهما سعد به ، إذ عده كاشفاً لفضيلة فيها ، وهي أنها تقابل التطفل بالصد ، وقبل أن ينام انتبه أنه شغل عن اصابته !صباح يوم آخر وحديث جديد :
وفي الصباح عاودت الظهور ، فاغتنم الفرصة للاعتذار وذكرها أنهما درسا معاً في المرحلة الثانية من الثانوية ، أخبرته بايجاز بمسيرتها الدراسية والمهنية منذ ذلك الحين ، كاد يجازف باستقصائها عن وضعيتها العائلية لولا أن عاجلته قائلة ، كيف انتهى بك المطاف هنا ؟أسباب الحادث :
قال لها : كتبت تقارير لم ترق بالمعنيين بها ، فأرسلوا لي من يحذرني برفق ، قالت له : الآثار تدل على ذلك ، قال لها: طبعاً فالبديل أقسا ، قالت : من هم فأنا لا أطالع الصحف ؟ قال لها : الوكالة ، قالت له : وكيف حصلت على المعلومات ؟ ، قال لها : وصلتني ملفات من مصدر مجهول مع وعد بالمزيد إذا نشرتها ، وبأن كل ملف أعمق من سابقه ، قالت له : وهل تنوي أن تستمر نظراً للنتيجة ؟
أجابها : ربما بعد حين إذا تغيرت بعض الأسماء ، قالت له : لا يخفى عليك أن تغير الأسماء لا يعني تغير في بنية الجهاز ، فالخطورة تبقى قائمة ، قال : بلاشك ، أجابته : فلماذا إذا لا تشتغل في مواضيع أخرى ؟ ، أجاب : ليس فيها خطورة صحيح ؟! قالت : بالظبط
الكارثة والنجاة :
قال لها : مثل تغطية رحلة إلى اليابان ؟ ، قالت : مثلاً وأن أدرى ، قال لها : لقد وقع الاختيار عليّ بالفعل لكي أذهب إلى هناك ، لكن حال بين ذلك وبيني ما ترين ، قالت : مع الأسف ! ، قال لها : لا داعي ، ربما زميلي الذي ذهب مكاني أجدر بأن نأسف له ..ناولها صحيفة ، فقرأت العنوان الأكبر ، زلزال يهز اليابان ، نظرت إليه ، فتابع قائلًا : هذه الصحيفة التي أعمل فيها ، لقد فقدوا الاتصال منذ البارحة مع زميلي الذي يتواجد حالياً هناك ، أرجو أن يكون على قيد الحياة ، ظلت صامتة ..الأم وحديث الزواج :
حاول أن يشيع بعض المرح قائلاً : لعلك تحسنين صنعاً إذ لا تقرأين الصحف ، قالت : تعليقك هذا لا يساهم كثيارً في جلب قراء جدد ، وحينها دخلت والدته ، فقدم لها سيهام ، ولما خرجت من الغرفة ، لم تمنعه الكسور في أن يحدث والدته الحديث التي كانت تنتظره من ابنها ، بل واستبقته ، بيد أنها لم تكن تتوقع أن يفاتحها في الموضوع وهو في مثل حالته هذه وفي المستشفى ، بعدها تطورت الأمور بسرعة ، وأخذ الحديث يتطرق في قصة ارتباط شرعي
زيارة الأهل وشرط الزواج :
ولكن عندما زاروا سيهام في بيت أهلها ، كان لها شرط للموافقة ، ثم تناقش التفاصيل على مهل ، قالت : أرجو ألا تخوض في عملك في نفس المواضيع التي ألزمتك سرير المرض خلال المدة الماضية ، بهذا الوضوح تكلمت ، ثم تابعت قائلة : وهو كفيل بيداع صاحبه السجن أو ماهو أسوأ ، واعذرني لكن لا امكان للأمل في حياة مستقرة ، بينما التهديد قائم ، هذا شرطي ..تفكير وتحدي :
ثم استمرت الجلسة في شكل ودي ، أخذ ثائر في تقليب وجهة النظر فيما عرض عليه ، لقد طلبت أن يكتب في داخل المساحة الآمنة ، من حقها أن تخشى الارتباط من شخص يتهور في استفزاز السلطة ، فتلك لعبة لها عواقبها ، لكن الخوف من البطش لا يثنه من التحول عن نشر الحقائق ، أفتنجح هذه المرأة بينما أخفقت أجهزة الأمن العتيدة ، وهكذا ظل يستعرض الموقف من المعضلة ونقيضها ، ثم يعيد الكرة