أول من قال ذلك معاذ بن صرم الخزاعي ، وكانت أمه من عك ؛ وكان فارس خزاعة وكان يكثر زيارة أخواله ، قال فاستعار منهم فرسًا وأتى قومه ؛ فقال له رجل يقال له جحيش بن سودة ، وكان له عدوًا : أتسابقني على أن من سبق صاحبه أخذ فرسه ؟ فسابقه ، فسبق معاذ وأخذ فرس جحيش ، وأراد أن يغيظه فطعن أيطل الفرس بالسيف فسقط ، فقال جحيش : لا أم لك ! قتلت فرسًا خيرًا منك ومن والديك ؟ فرفع معاذ السيف ، فضرب مفرقه فقتله ، ثم لحق بأخواله .وبلغ الحي ما صنع ، فركب أخ الجحيش وابن عم له ، فلحقاه فشد على أحدهما فطعنه فقتله ، وشد على الآخر فضربه بالسيف فقتله ؛ وقال في ذلك :ضربت جحيشًا ضربة لا لئيمة .. وكنت بصاف ذي طرائف مستك
قتلت جحيشًا بعد قتل جواده .. وكنت قديما في الحوادث ذا فتك
قصدت لعمرو بعد بدر بضربة .. فخر صريعا مثل عائرة النسك
لكي يعلم الأقوام أني صارم .. خزاعة أحدادي وأنمي إلى عك
فقد ذقت يا جحش بن سودة ضربتي .. وجربتني إن كنت من قبل في شك
تركت جحيشًا ثاويًا ذا نوائح .. خضيب دم جاراته حوله تبكي
ترن عليه أمه بانتحابها .. وتقشر جلدي محجريها من الحك
ليرفع أقوامًا حلولي فيهم .. ويزري بقوم إن تركتهم تركي
وحصني سراة الطرف والسيف معقلي .. وعطري غبار الحرب لا عبق المسك
تتوق غداة الروع نفسي إلى الوغى .. كتوق القطا تسمو إلى الوشل الرك
ولست برعديد إذا راع معضل .. ولا في نوادي القوم بالضيق المسك
وكم ملك جدلته بمهند .. وسابغة بيضاء محكمة السكقال فأقام في أخواله زمانًا ، ثم إنه خرج مع بني أخواله في جماعة من فتيانهم يتصيدون ، فحمل معاذ على عير فلحقه ابن خال له يقال له الغضبان ، قال: خل عن العير ، قال: لا ولا نعمة عين ، فقال له الغضبان : أما والله لو كان فيك خير ، لما تركت قومك فقال معاذ : زوغبا تزدد حبا ، فأرسلها مثلاً ، ثم أتى قومه فأراد أهل المقتول قتله ، فقال لهم قومه : لا تقتلوا فارسكم وإن ظلم ، فقبلوا منه الديّة .