يعد هذا المثل أحد الأمثال العربية الشهيرة التي يتناقلها الناس فيما بينهم ، ويضرب هذا المثل بين المتخاصمين أو حينما تكثر الخلافات بين الناس وبعضهم البعض فتبتعد بينهم المسافات وتسوء معهم الأمور ، فيقال “بينهم ما صنع الحداد ” ولهذا المثل قصة قديمة وقعت مع رجل عربي وزوجته سليطة اللسان .قصة المثل :
يُحكى أنه منذ زمن طويل كان هناك رجل عربي أوقعه حظه العاثر في الزواج من امرأة سليطة اللسان ، كدرت عليه صفو حياته وأرقت معيشته فصار يكره الجلوس معها والتودد لها ، بسبب افتعالها للمشاكل معه ومع كل أهل القرية ، مما كان يورطه مع الناس ويجعل منظره بينهم سيئًا .وذات يوم افتعلت الزوجة مشكلة كبيرة مع أهل القرية ، ففاض الكيل بزوجها ونشب بينهما شجار كبير بسبب أفعالها السيئة ، فخرج الرجل من خيمته غاضبًا متجهمًا وهو يقول لها بيني وبينك ما صنع الحداد ، فلم تفهم الزوجة معنى كلام زوجها .وظلت تفكر فيما يعنيه بقصده لسويعات طويلة ، ولكنها لم تصل لشيء فانتظرت حتى يعود وتفهم منه معنى قوله ، ولما عاد الرجل توالت عليه بالأسئلة ولكن لم يجبها ، فقط أخرج من حقيبة كان يحملها قرصًا من الحديد ، ووضع إلى جواره عصا ليزيد من حيرتها .ثم نادى على ابنه وأمره أن يطرق على الحديد ليحدث ضجيجًا ولا يتوقف ريثما يعود ، وبالفعل أخذ الولد يطرق على القرص الحديدي بالعصا ، وسط دهشة وحيرة الأم عندما خرج الزوج ، وظل الرجل يسير مبتعدًا عن خيمته مع صوت طرق ولده على الحديد ، وظل الزوج يبتعد ويبتعد حتى اختفى صوت الطرق .وهناك في ذلك المكان الذي لم يعد يسمع فيه أي أثر لطرق الحديد ، نصب خيمته الجديدة ليهرب داخلها من زوجته سليطة اللسان ، التي أوقعت بينه وبين الناس وكرهته في الحياة بصحبتها ، وهكذا أصبحت المسافة بينه وبينها مثل ما صنع الحداد .أي مثل المسافة بينه وبين صوت القرص الحديدي الذي صنعه الحداد ، وقد تم تحريف هذا المثل بعض الشيء ، فكثيرًا ما نسمع الناس يقولون بين فلان وفلان مصانع الحداد ، أي بينهما عداء شديد وكره ومشاكل مفتعلة من الطرفين ، جعلتهما يكرهان بعضهما البعض ، والأصل في المثل هو ما صنع الحداد وليس مصانع الحداد .