قصة كاسبر هاوزر

منذ #قصص منوعة

وقعت أحداث قصتنا في عام 1828م  بألمانيا ، في أحد أيام العطلة الرسمية ، حيث وقف اسكافي عجوز يترقب الطريق ويشعر بالضجر هذا اليوم ، الذي لم يطل به أي شخص عليه لطلب أية خدمات ، وأثناء حملقته بالطريق يمينًا ويسارًا ، لم فتى بدين بعض الشيء ، يسير في إرهاق شديد وتعب كبير كأنه قد تناول الكحول لتوه .أسرع إليه الرجل ليرى إن كان بحاجة لبعض الماء ، وسأله إلى أين هو ذاهب ، ففاجأه الفتى بإجابة واحدة لا يقل غيرها (أريد أن أصبح فارسًا مثل أبي) ، احتار العجوز فوقف ينظر إلى الفتى طويلاً ، ويعيد عليه السؤال ولا يتلق سوى نفس الإجابة المحيرة في كل مرة .هنا لاحظ العجوز أن الفتى يحمل ظرفًا وعليه اسم النقيب المسئول عن السرية الرابعة ، فأخذ الفتى من يديه واتجه به نحو بوابة المدينة ليسأل الجنود عن القائد ، وعرف أنه يدعى فون ويسنك ، فأرشده الجنود إلى منزله وكان قد حل الظلام ، جلس العجوز مع الفتى في انتظار القائد الذي كان لسوء حظهم ، في مهمة بالخارج مع سريته ، قام الخدم بتقديم الطعام والشراب لهما ، واندهشوا جميعهم عندما لفظ الفتى الطعام ولم يشرب سوى الماء ويأكل الخبز فقط .عاد القائد إلى منزله ولم يتعرف إلى الفتى الغامض ، فكان يراه لأول مرة في حياته وعندما أراد أن يسأل الفتى عن هويته لم يجب الفتى سوى بجملته المتكررة السابقة للعجوز ، هنا فتح القائد الظرف ليجد رسالتين ، كان فحوى إحداهما قد كتبها رجل ، قائلاً أنه رجل فقير لديه عشرة أطفال ، وأن هذا لافتى عندما كان رضيعًا ، سلمته أمه له كي يعيله ويقوم بتربيته مع أبنائه ، ولأنه كان بالكاد يملك قوت يومه ، حبس الطفل بالمنزل طوال حياته ، وقد قام بتعليمه مبادئ القراءة والكتابة وأن الفتى سوف يكون خادمًا مخلصًا له ، ويرغب في أن يضمه القائد لسلاح الخيالة لكي يصبح مثل أبيه ، فإذا لم يرد الاحتفاظ بالفتى أو يشنقه.أما الرسالة الثانية كانت قد كتبتها سيدة ، قائلة بأن الطفل اسمه كاسبر وأن زوجها كان أحد جنود السرية التابعة للقائد فون ويسنك ، وأنها لن تستطع إعالة طفلها ، لذا طلبت من أحد معارفها الاعتناء بالطفل ، حتى يبلغ السابعة عشرة من عمره ، ثم يسلمه للقائد ويسنك حتى يضمه إلى سلاح الخيالة .لم تزد الرسالتين القائد ويسنك إلا اندهاشًا وبالطبع مسألة ضم الفتى إلى سلاح الخيالة ، كان دربًا من الخيال فالفتى يكاد أن يكون متخلفًا ، وقام بتسليمه إلى محققو الشرطة الذي لم يستطيعوا أن يصلوا منه إلى أية معلومة ، فقرر أحدهم وضع ورقة وقلم أمامه ، فلم يكتب سوى أنه (كاسبر هاوزر).انتقل كاسبر إلى رعاية عائلة السجان أندرياس ، وكان ودودًا للغاية ولا يعاني أية أمراض ، قصير ممتلئ قدميه مسطحتان ، ولا يأكل سوى الخبز الأسمر والماء فقط. حتى ظن البعض أنه قد ولد في البرية وقامت الحيوانات بإرضاعه ، ولكن هذا الحديث لم يكن صحيحًا .وكان كاسبر شاب مراهق ولكن بعقل وتفكير طفل ، ومع مرور الوقت استطاع كاسبر أن ينطق ويتكلم ، وتدريجيًا بدأ يتحدث عن نفسه ، فقال أنه كان يعيش في غرفة طوال حياته لم ير الشمس قط ، كانت الستائر دائمًا منسدلة ولا يدخل الضوء للغرفة أبدًا ، ولا يأكل سوى الخبز الأسمر والماء ، الذي كان يتغير طعمه أحيانًا وما أن يرتشف القلي منه حتى يغيب في نوم عميق ، ولا يستفيق إلا ووجد نفسه قد تحمم وبدل ثيابه وقُصت أظافره.وفي أحد الأيام دخل إلى غرفته رجل غامض ، غطى وجهه وبدأ في تعليمه المشي والكلام ، ولم يحفظ سوى جملته الشهيرة أريد أن أصبح فارسًا مثل أبي ، تلك الجملة التي حرص الرجل على تعليمه إياها ، ثم اصطحبه إلى نورينبرغ في رحلة لثلاثة أيام ، وتركه مع رسالتيه أمام أبواب المدينة ، ثم اختفى .بعد ذلك ، تولى رجلاً رعاية كاسبر، وقد أدهشه مهاراته المتعددة التي تنمو سريعًا يومًا بعد يوم ، كان هذا الرجل فيلسوفًا ودارسًا لعلم النفس ، فوضع كاسبر في عدة اختبارات وظل يدون ملاحظاته حوله طوال فترة رعايته له ، وفي أحد الأيام قال كاسبر أن أحد الأشخاص قد هاجمه وأراد أن يقتله ، ولم يستطع سوى أن يجرحه وهنا لم يصدق الكثيرون واقعية الحادث ، فلم يكن هناك شهود على الحادث وقيل أن كاسبر أراد جذب انتباه الصحافة ، التي كانت قد غابت عنه لفترة طويلة عقب انتشار قصته.وقيل أن كاسبر هو ابن دوق سلالة بادن الذي قيل أنه قد مات عقب ولادته ، ورجح الكثيرون أنه هو كاسبر وقد قام عمه بابتداع قصة وفاته حتى لخلو له تولي العرش إلا أن آخرون نفوا هذه الرواية .بعد ذلك انتقل كاسبر لرعاية رجل أكثر قسوة وضراوة من سالفة ، وهو مدرس صعب المراس يدعى جورج ماير ، وكان علاقتهما متوترة وغير هادئة ولا تطاق ، وفي أحد الأيام قال كاسبر أنه قد استدرجه أحد الأشخاص ، ليشاهد أوراقًا تثبت صحة نسبه ، ولكنه بادرة بطعنه في جانبه الأيسر ونزف بشدة ، إلى أن فارق الحياة عقب مرور ثلاثة أيام ، ولم تثبت صحة نسب كاسبر لأحد ولا أحد يعرف حقيقة قصته إلى الآن .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك