نخشى جميعًا الاقتراب من المقابر الموحشة ، بالطبع هذا أمر طبيعي فأغلبنا ينظر لها بأنها المكان الذي تُكشف فيه الأسرار وما وري عن كافة الأعين ، ولكن هل هذا الأمر يمكن التفكير به عند زيارة مقابر الحيوانات ؟ ، قد نفكر قليلاً لنقل أن مقابر الحيوانات تبث رعبًا أقل داخل النفس ، ولعل هذا يعود لسبب أن الحيوان المدفون غالبًا ما يكون حيوان أليف ، ولكن هل هناك مقابر للحيوانات بالفعل ؟بالعودة إبان العصر الفيكتوري للندن ، وفي عام 1881م على وجه التحديد ، نذهب إلى حديقة تُدعى هايد بارك ، وهي من أشهر الحدائق في لندن ، حيث تعرف بجمالها وشغف العائلات بالذهاب إليها ، فهي مكان مفتوح للجميع سواء أكانوا أفرادًا أم عائلات أو أطفال ، وكانت تلك الحديقة تقع تحت حراسة رجل يُدعى ويندبريدج .وفقًا لشهادة حارس الحديقة ، في إحدى ليالي شهر إبريل المظلمة ، ذهبت عائلة صغيرة مكونة من أم وأب وطفل صغير باكي ، وطلبوا من الحارس إذا كان بإمكانهم دفن حيوانهم الأليف في الحديقة ، نظرًا لأنها المكان المفضل للطفل وأن حيوانه كثيرًا ما جاء يلعب معه بها ، بالطبع بضعة دولارات أنهت الأمر وتم دفن الحيوان ناحية الجانب الشمالي من الحديقة.بعد فترة قصيرة ، توجهت زوجة دوق كامبريدج إلى الحديقة ، وقامت بدفن كلبها الذي كان قد مات إثر تعرضه لحادث ، وحزنت عليه الزوجة كثيرًا ، وللمصادفة آنذاك تم دفن الكلب إلى جوار الحيوان السابق دون معرفتهم ، أعقب ذلك قدوم رجل آخر وطلب بدفن قطته المتوفاة ، وبالفعل تم له المراد مع بضعة دولارات قليلة.مرت السنوات وقام الحارس ويندينبرج بكتابة مذكراته ، وذلك بحلول عام 1884م وكتب به مقطعًا لنعي مجموعة الحيوانات الأليفة التي قام بدفنها مع أصحابهم ، في صف واحد داخل مقبرة جماعية ، كان النعي غير ملفت سوى للقليلين ممن اهتموا بالموضوع ، وقد كان بهذا الشكل (إلى تشاك ، زي ، سبايك ، و جويس ؛ آسف لعجزي عن حمايتكم من الشيطان) ، يبدو النعي لطيفًا ، ولكن ما هو الشيطان الذي لم يستطع ويندينبرج حماتهم منه؟ظل مكان المقبرة مخفيًا لفترة طويلة حتى عام 1903م ، عندما تنامى إلى السلطات موقع لمقبرة الجماعية للحيوانات الأليفة داخل حديقة الهايد بارك اللندنية ، وكان بحلول هذا الوقت قد تم دفن أكثر من ثلاثمائة حيوان ، على هيئة صفوف بشكل متتالي ، ولها شواهد قبور صغيرة الحجم كُتبت عليها عبارات غريبة ، وقصص مفاجئة عن بعض الحيوانات التي دُفنت ، ومن بين العبارات الشهيرة على الشواهد ؛ (بالو العزيز ، قام بتسميمه سويسري لعين ، 1899 م) ، وشاهد آخر كتب عليه
في ذكرى صغيرتنا بوبيت ، حين تنتهي حياتنا القصيرة وتبدأ أرواحنا بالطواف على هذه الأرض ، نتمنى أن نراكِ هناك) ، أما الشاهد الأغرب كان يحتوي على عبارة (عزيزي تيدي، اشرب الدم من أجلي)!!تلك الكلمات والعبارات الغريبة ، التي كُتبت على شواهد القبور الصغيرة منها ما هو طبيعي ومنها ما هو غريب ويستوقفك أمامه ، ومنها ما كُتب بيد الطفل الفاقد لحيوانه الأليف ، كلها جميعًا في مكان واحد ، اشتهر باسم (مقبرة الحيوانات الأليفة) ، وأصبحت الآن مكان رسمي ومعترف به في لندن ، وتم حاليًا إحاطة المكان بسياج مرتفع ، وأصبح مزارًا سياحيًا ، وأحد أهم المعالم الفيكتورية الباقية في لندن حتى الآن .