كان إحداث أمطار بإرادة الإنسان حلمًا قديمًا له ولم يتحول إلى حقيقة إلا في عام 1946م ، حيث أثبت عالم الأرصاد الجوية الأسكتلندي جون آيتكن ، أن قطرات المطر تتكون حول ذرات دقيقة من الأتربة الموجودة في الجو ، وفي سبيل إنجاح التجربة قام العلماء ، بنشر مئات من الكيلوجرامات من الجزيئات الدقيقة من مواد مختلفة من طائرات ، أو تم تصعيدها في الهواء عن طريق نيران من الأرض ، لكن دون أي بوادر للنجاح .وفي أثناء الحرب العالمية الثانية طلبت شركة جنرال إلكتريك من إرفينج لانجموير وهو الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1932م عن أعماله ، في التكافؤ الكهربي واكتشاف الهيدروجين الذري أن يعود للعمل بعد تقاعده ؛ لدراسة ظاهرة تكون الثلوج على أجنحة الطائرات .فتوجه مع مساعده فنسنت جوزيف شايفر إلى جبال نيو هامبشير المعروفة برياحها الباردة البطيئة وعواصفها الثلجية ، وهناك كانت المفاجأة الكبيرة حيث لاحظا أنه على الرغم من أن درجة حرارة السحب عادة ما تكون تحت الصفر إلا أنه لم تتكون بلورات ثلجية ، كانا على دراية بالنظرية التي صاغها علماء فرنسيون ونرويجيون ، والتي تنص على أن قطرات الماء تتكون حول حبيبات دقيقة ، ثم تتحول إلى بلورات من الثلج لتسقط بعد ذلك على هيئة أمطار ؛ ولذلك اشتدت بهما الدهشة من البرودة القارصة للسحب دون أن تتسبب في تكون الثلوج .كان فنسنت شديد الاهتمام بهذه الظاهرة الغريبة ؛ لذلك حرص على إيجاد طريقة للحفاظ على بلورات الثلج ؛ لكي يستطيع العودة بها إلى معمله بهدف التعمق في دراستها بمعمله ، وبعد أن انتهى عملهما أثناء الحرب استكمل فنسنت أبحاثه محاولًا اكتشاف جسيم ما يمكن لبورات الثلج أن تتكون حوله في جو رطب وشديد البرودة ، وقام بتجارب عدة على مجموعة من المواد وكان على يقين أنه سيتمكن من النجاح في يوم ما .كان يحتفظ بالسكر وبعض المواد الأخرى في ثلاجته كما عمل على تهيئة الجو الرطب البارد لكي يقوم بتجاربه ؛ وفي سبيل محاكاة جو السحب كان يقوم بالنفخ في داخل الثلاجة يقوم بإلقاء حفنة من أي مادة داخلها ، وظل لعدة شهور يقوم بتجربة كل ما يمكن تخيله ، ولكنه لم يحصل إلا على نتيجة واحدة وهي أن الثلاجة أصبحت مغطاة بكل المواد التي استخدمها .وفي صباح يوم من أيام شهر يوليو ، كان مستغرقًا كالعادة في تجاربه عندما دعاه أحد أصدقائه إلى الذهاب إلى أحد المطاعم ، وكالعادة لم يقم بغلق ثلاجته وهو ما لم يكن ضروريًا بما أن الهواء البارد ينزل بالقاع ولا يخرج .وعندما استعد لكي يكمل تجاربه لاحظ أن درجة حرارة الثلاجة ارتفعت إلى درجة أعلى من التي تبقي البلورات في الحالة الصلبة ، وفي هذه الحالة لم يكن أمامه إلا أحد الخيارين : إما غلقها والانتظار حتى تنخفض درجة الحرارة أو أن يقوم بتعجيل النتيجة من خلال استخدام الثلج المكربن وهو ما قام بفعله …وقام بإحضار الثلج المكربن ووضعه بداخل الثلاجة ، وفي الضوء لاحظ وجود قطع دقيقة عالقة في البخار ، وعلى الفور أدرك أنه نجح في صنع الثلج حيث أن هذه القطع هي بلورات الثلج ، وأدرك أيضًا أن صنع البلورات لم يكن عن طريق إضافة جسيمات مواد ، وإنما عن طريق تبريد البخار الخارج من أنفاسه مؤديًا إلى تبلوره .ومن ثم أخذ ينفخ داخل الثلاجة وهو يضع كميات كبيرة من الثلج المكربن ، وبدأ الثلج يتكون ويسقط في القاع ، كان عليه أن يعيد التجربة لكن ليس في المعمل ولكن في السحاب الحقيقي ، وفي أحد أيام نوفمبر الباردة جهز طائرة بها معدات تساعده على إلقاء الثلج المكربن على السحب .قام فنسنت بالاستعانة بالعالم لانجموير بحيث طار فنسنت بالطائرة بينما ظل لانجموير على الأرض لمشاهدة ما سوف يحدث ، وبعدما وجد سحابة مناسبة قام بتشغيل ماكينة الثلج المكربن ، لكن الجو شديد البرودة عَمِل على إيقاف المحرك قبل أن يستخدم نصف كمية الثلج .وبعدما فشل في إصلاحه ؛ بدأ يُلقي ما تبقى معه من نافذة الطائرة على السحاب ، وعند عودته إلى الأرض استقبلته صيحات النصر من العالم لانجموير قائلًا : لقد نجح في صنع الثلج … لقد نجح في صنع الثلج ، وبذلك أصبح فنسنت جوزيف شايفر هو أول من نجح في صنع الأمطار!!!