ولدت يانغ كينغ في عام 1912م ، وعاشت طفولة تعيسة مع والدها الذي كان يسيء معاملتها ومعاملة والدتها ، ولما بلغت التاسعة عشر من عمرها ، كانت قد تزوجت مرتين ، وعندما عملت في السينما أصبحت نجمة ناشئة تعرضت للإشاعات واتهمت بالخلاعة ، وقد أطلقت على نفسها في تلك الفترة اسم لان بينج ويعني ، التفاحة الزرقاء .زواجها والحزب الشيوعي :
وفي عام 1938م قابلت زعيم الحزب الصيني الشيوعي ، ماوتسي تونغ وأصبحت برغم اعتراضات رجال الحزب زوجته الرابعة ، وقد تسببت في خلق أزمة داخل الحزب انتهت على عدم تدخلها بالأمور السياسية .الحياة السياسية:
وقد التزمت السيدة ماو بتعهدها ذاك لعدة سنوات ، ولكنها بدأت منذ عام 1960م ، تتدخل في الشؤون العامة ، وفي عام 1966م أطلقت شنغهاي مبادئ ما عُرف باسم الثورة الثقافية ، وقد قصد ماو من وراء اعلان ثورة البروليتاريا الثقافية محاربة الاتجاهات التقليدية ، والبيروقراطية التي أخذت تتسلل إلى الحياة الصينية من جديد .وقد نتج عن تلك الثورة إغلاق العديد من الجامعات ، وطرد آلاف الأساتذة الجامعيين ومسئولي الحزب من وظائفهم وتعريضهم للإهانة والاضطهاد ،وفي تلك الفترة شهد العالم آلاف من الشبان من الحرس الأحمر يهتفون مرددين ،أفكار ماو ، ويلوحون بالكتاب الأحمر الذي احتوى على تلك الأفكار.الثورة الثقافية :
بلغت الثورة الثقافية أوج ازدهارها في فترة 1966م إلى 1968م ، بيد أنها لم تنتهي نهائياً إلا بعد موت ماو في شهر سبتمبر عام 1976م ، وكانت يانغ كينغ ، ضمن المجموعة الرئيسية التي قادت الثورة الثقافية وسعت إلى التغيير .الصراع السياسي على السلطة :
وبعد موت ماو ، نشأ صراع على السلطة بين المحافظين وبين اليساريين المتطرفين بزعامة يانغ وثلاثة قادة آخرين هم : ياو ونينوان ، وزانغ تشونكيو، ووانغ هونغوين ، وقد لقب هؤلاء فيما بعد بعصابة الأربعة ، ولما فشلوا في الاستيلاء على السلطة تم القبض عليهم في أول أكتوبر عام 1976م ، وقدموا إلى المحاكمة .عصابة الأربعة:
لم تبدأ محاكمة عصابة الأربعة إلا بعد أربع سنوات من القاء القبض عليهم ، وكان نائب الرئيس في العهد الجديد ، دنغ زياو بنغ ، قد تعرض أكثر من مرة للاهانة في ظل الثورة الثقافية ، وأجبر مرة على العمل في مطبخ ، ومع ذلك لم يهاجم زوجة ماو على سبيل التشفي ، واكتفى إلى الإشارة إلى أنها امرأة شريرة .المحاكمة :
بدأت المحاكمة في شهر نوفمبر عام 1980م ، بحضور نخبة مختارة من الشعب بلغ عدد أفرادها 800 شخصًا ، وقد وجهت المحكمة إلى عصابة الأربعة تهمة اضطهاد 729511 شخصاً أثناء الثورة الثقافية ، مات منهم 34800 ، وكانت هيئة المحكمة مكونة من 30 قاضي برئاسة أحد ضحايا الحرس الأحمر ، يانغ هوا .التعاون مع هيئة المحكمة:
بدا على رفاق يانغ كينغ الخوف والاضطراب في قاعة المحكمة ، وقد رضي اثنان منهم التعاون مع هيئة المحكمة ، على أمل الحصول على أحكام مخففة ، أما الثالث زانغ تشونكيو ، فقد رفض التعاون ، ولم ينطق بكلمة واحدة طوال فترة المحاكمة ، وهكذا استأثرت السيدة ماو بكل الأضواء ، وكانت نجمة المحاكمة دون منازع .السيدة ماو أثناء المحاكمة :
دخلت المرأة البالغة من العمر 67 عاماً ، إلى قاعة المحكمة بكل كبرياء وثقة ، ويقال بأنها اشتكت من شدة الحرارة داخل القاعة ، ولما لم يتم فعل شيء لتخفيف درجة الحرارة ، أخذت تخلع ملابسها قطعة بعد الأخرى أمام القضاة ، مما اضطر المسئولين إلى ايقاف التدفئة فعادت وارتدت ملابسها ، لقد منع الصحفيون من حضور الجلسات ، وكانت السلطات تذيع مقتطفات مختارة منها ، لذلك فإن الرواية محتمل أن تكون صحيحة في جوهرها ، غير أن الأمر لم يتعد فك زر أو اثنين .شهود المحاكمة :
كانت المحاكمة مميزة وقد تم التركيز فيها على أرملة ماو ، وفي 26 نوفمبر ، مثّل في منصة الشهود شابتان شهدتا بأن يانغ ، سممت أفكار ماو عام 1974م ، ضد بعض الشيوعيين المخلصين ، وقال بعض الشهود ، بأنها اضطهدت الأقليات وجعلتهم يتخلون عن أزيائهم القومية ، ليلبسوا الملابس الماوية ، كما أنها أجبرت المسلمين على تربية الخنازير مما يتعارض مع معتقداتهم الدينية ، واتهمت كذلك باضطهاد معارفها السابقين ، وبمسؤوليتها عن مداهمة منازلهم لجمع الرسائل والوثائق التي تعرضها للشبهات والفضائح .رد فعل يانغ على الاتهامات :
كانت يانغ كينغ تسمع الاتهامات غير مبالية ، وكانت أحياناً تنزع السماعات التي تضعها في أذنها لضعف سمعها ، وكأنها تقول أنها لا تهتم بما يقال ، ولا تريد سماعه ، وعندما اتهمت بأنها أمرت بالقبض على زوجة منافسها الذي توفي في السجن ، ليو شاو كي ، قالت بأنها لا تذكر شيئاً عن ذلك الأمر ، ولما عرضت عليها المحكمة أمر القبض موقعاً عليه من قبلها ، اضطرت إلى الاعتراف قائلة : نعم هذا خطي ، ثم اعترفت أنها أمرت بالقبض على 11 شخصاً أعوان ليو ، مات أحدهم أثناء التعذيب .ثغرات المحاكمة :
هناك ثغرات في سجل محاكمة أرملة ماو ، ويبدو أنه لم يتم تسجيل كل اعترافاتها وأقوالها وإجابتها ، وكانت تقول باستمرار : أنها فعلت ما فعلته بموافقة ماو ، بل وتنفيذاً لأوامره ، وكانت هيئة المحكمة حريصة على عدم الاساءة لسمعة ماو الذي كان محبوباً من الناس ..وكما حاولوا اخفاء بعض إجابتها ،حاولوا اخفاء بعض ثورات غضبها ، ففي 12 ديسمبر ، على سبيل المثال ، تقدم الكاتب الصحفي لياو موشا ، وشهد بأنها كانت وراء القبض عليه وسجنه لمدى 8 سنوات ، وكان يبكي ويمسح عينيه أثناء رواية قصته .وهنا انفجرت يانغ كينغ صارخة ، ولكنه كان عميلاً للعدو ، وقد حاول القاضي اسكاتها عبثاً ، فرفع الجلسة بعد أن أخذت تصرخ في ثورة غضبها وهي تقول : مرتدين خونة ، هذا وقد تكرر رفع الجلسة وإخراجها بالقوة من قاعة المحكمة أكثر من مرة .الحكم :
وفي 29 ديسمبر انتهت جلسات المحاكمة ، بإصدار الحكم عليها بالإعدام رمياً بالرصاص ، في مؤخرة رأسها ، وبعد صدور الحكم أخذت توبخ القضاة ، وتتهمهم بالفاشية ، وختمت أقوالها بهذه العبارة : إن القبض عليّ ومحاكمتي هنا ، ما هو إلا تشويه لسمعة الرئيس ماوتسي تونغ .. وأخذت تردد بعض شعارات وأقوال ماو .تغيير الحكم :
وأخيراً تم في 25 يناير 1981م ، تم تغيير الحكم إلى الاعدام مع ايقاف التنفيذ ، ، ونفس الحكم صدر بحق المتهم الصامت زانغ تشونكيو ، أما وانغ فتلقى حكماً بالسجن مدى الحياة ، وياو بالسجن لمدة 20 سنة .السجن :
لقد قضت الامبراطورة الحمراء سجنها المؤبد وحيدة في سجن محصن ، ولتغطية نفقات سجنها قامت بصنع ألعاب صغيرة لتجني من ورائها ما يكفي للوفاء بنفقاتها القليلة داخل السجن .