قصة راسبوتين

منذ #قصص منوعة

ولد غريغوري يافيموفيتش راسبوتين في عام 1869م ، في قرية صغيرة بسيبيريا في روسيا ، وكان مولده شؤمًا على أهله منذ أن رأت عيناه الدنيا ؛ فقد توالت عليهم المصائب من حيث لا يحتسبوا وذلك بعد وفاة شقيقه بالتهاب رئوي ، وسقوط شقيقته في النهر بشكل مفاجئ ، والتهام النيران لوالدته ، ولم يبق سواه هو وأبيه من عائلة كاملة اختطفها الموت.عندما كبر راسبوتين قليلاً أخذه والده إلى الدير ليتم إعداده بشكل جيد لصبح فيما بعد راهبًا ، فدرس راسبوتين اللاهوت والفلك وعلم العلاج بالأعشاب ، وعلى الرغم من تلك الحياة المتدينة التي بدأها راسبوتين منذ صغره ، إلا أنها لم تمنعه من الفضائح الجنسية التي خاضها في عمر مبكر من حياته .حيث انضم إلى جماعة تدعى خليستي ، والتي عُرف عنها أنها إحدى الطوائف المسيحية التي ظهرت في القرن السابع عشر ، وآمنت في معتقداتها بأنه إذا ما أراد العبد أن يحصل على رضا ربه ، فإنه يجب عليه الانغماس في المجون والخطيئة ، فإذا تاب استشعر تلك اللذة والعودة إلى ربه ! وبمرور الوقت تزوج راسبوتين من فتاة تدعى بروسكوفا ، وأنجب منها ثلاثة أطفال ، ثم تزوج عقب ذلك مرة أخرى وأنجب طفلاً جديدًا.وتمتنع راسبوتين بذكاء حاد ، جعله يجوب البلاد بداية من عام 1896م ، ويحوز على إعجاب الكثيرين بصفته راهب وقديس ، بينما كانت عيناه الخضراوان تثيران الذعر في بعض النفوس التي تراهما.وفي عام 1905م ذهب راسبوتين إلى سان بطرسبرغ ، وعمل فيها مساعدًا لأحد علماء اللاهوت الذي أعجب بذكاء راسبوتين بشدة ، ورشحه للعمل في بلاط القيصر ، حيث كان يعمل هذا الراهب لدى الملكة ألكسندرا فيودوريخا.وكان القيصر وزوجته لديهم أربعة أطفال ، بينهم صبي يدعى أليكسي وهو الوريث الوحيد للعرش ، ولكنه للأسف كان مصابًا بداء اشتهر باسم الناعور ؛ وهو داء يمنع الدم من التخثر ويظل المصاب به ينزف حتى الموت ، وعلى الرغم من العناية والحرص الشديد إلا أن الطفل قد أصيب بنزيف في أحد الأيام ، واستعان الزوجان بالأطباء والدجالين من أجل إنقاذ طفلهم ، ولكنه لم يفلح  فخشي الزوجان وفاة ولي العهد الوحيد.وفي هذا الوقت أرسل البلاط الملكي لراسبوتين الذي كان قد ذاع صيته في العلاج والمداواه للمرضى ، واستطاع راسبوتين فعلاً من إيقاف النزيف ببضعة أعشاب أعطاها للصغير ، ومع انتشار خبر شفاء ولي العهد على يد راسبوتين ، أضاف هذا الأمر إلى جوار قداسته في أعين من حوله رهبة شديدة نحوه.انتقل راسبوتين لصبح مستشارًا شخصيًا للملكة ، وأقام في القصر واستطاع أن يزيح منافسيه من حوله داخل البلاط ، وتمكن بمكره من التقرب إلى الملكين ، أتقن راسبوتين فنون الإغواء لنساء البلاط ، فقد كان شهوانيًا للغاية واستطاع بفضل قدراته الغريبة على الإغواء إلى اكتساب ثقة البلاط ، بفضل مساعدة عشيقاته من زوجات كبار رجال البلاط.كما كان راسبوتين متقنًا لفنون التنويم المغناطيسي بصوته ، فكان يفعل هذا الأمر بين العامة ، لدرجة جعلتهم يقدسونه نظرًا لقدراته العجيبة والخارقة تلك ، فلم يكن شفاء ولي العهد هو الحالة المرضية الوحيدة التي شفيت على يد راسبوتين ، بل عالج الأخير العديد من الحالات بوضع يده على الألم ، مما أكسبه شعبية جارفة أيضًا.لم تتوقف قدرات راسبوتين عند هذا الحد فقط ، فقد تمكن من التعرف على السارقين ومدبري الشر ، ولعل هذا ما أنقذه من العديد من المؤامرات التي كانت تحاك ضده للتخلص منه ، وإزاحته خارج البلاط.وفي عام 1916م ، ألقى فلاديمير بوريشكينيس أحد أعضاء البلاط ، خطابًا هاجم فيه راسبوتين والملكة ألكساندرا ، وقال أن الملكة التي أتت من ألمانيا الغربية لم تعد تستطيع الحراك دون أوامر راسبوتين ، مما جعل كبار رجال البلاط يتحولون إلى دمى متحركة بين أيديهم.هذا الخطاب كان الشعلة التي ألهمت زوج ابنة القيصر بفكرة التخلص من راسبوتين ، فتواصل معه من أجل التعاون سويًا ، وبعدها انضم إليهما ابن عم القيصر ، واتفقوا جميعًا على التخلص من راسبوتين مسممًا ، على يد إحدى النساء اللاتي طالما أولع بهن ، من أجل الإيقاع به.دعا زوج ابنة القيصر راسبوتين لتناول بعض الفطائر الحلوة في قاعة الطعام بالقصر ، وكان الزوج قد وضع بها سم سيانيد البوتاسيوم ، ولكن راسبوتين اعتذر عن تناول الحلوى لإصابته بالسكري ، فعاد الزوج متذمرًا لرفاقه يخبرهم بفشل الخطة ، ولكنه ما لبث أن عاد للقاعة ووجد راسبوتين يتناول الفطائر المسممة ، فانتظر ليشاهد سقوط راسبوتين ، وظل يحدثه بشأن الغانيات ولكنه لم يعاني من شيء!هنا فقد زوج الابنة صوابه ورفع مسدسه ليقتل راسبوتين ، وسط مباركة رفيقيه ولكن راسبوتين سقط متشنجًا ، ثم نهض ليطبق بكلتا يديه على عنق أحدهم ، مما دفع الزوج لعلاجه بثلاث رصاصات أخيرة ، قضت على حياة راسبوتين بعد نجاته من العديد من محاولات القتل.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك