لاشك أن أغلبنا قد شاهد الفيلم الأمريكي ، ليلة في المتحف حيث تناول الفيلم في إطار كوميدي ، حياة أحد حراس المتاحف عندما ذهب ليتسلم عمله ، وفي منتصف الليل شعر بحركة غريبة داخل المتحف ، ليجد المومياوات وقد دبت فيها الحياة من جديد .الحادث :
وقصتنا هذه ليست كوميدية وإنما تتحدث عن مومياء من نوع فريد ، فلطالما سمعنا عن أشياء غريبة تدور داخل المتاحف ، ولعل ما أشار له البعض من حركات غريبة بها ، في منتصف الليل أو ما التقطته كاميراتها ، له أساس من الصحة ، نظرًا لما تحويه من جثث وقطع أثرية قديمة ، قد يرتبط معظمها بالأمور الميتافيزيقية أو الماورائية .في أحد المتاحف القديمة التابعة لإقليم سيبيريا في روسيا ، أبلغ أحد المتاحف في عام 2016م عن حادث وقع به ، فعقب أن أغلق المتحف أبوابه للزائرين ، شعر الحارس بحركة غريبة داخل المتحف ، فاعتقد أن أحد اللصوص يتحرك بالداخل ، فقام بمراجعة الكاميرات فورًا برفقة زملائه ، ولكنهم شاهدوا ما لم يكن في الحسبان .فقد أظهرت الكاميرات بعض اللقطات لمومياء أحد الرهبان البوذيين ، وهي تتحرك داخل المتحف ، اندهش الحراس واقتحموا المكان اعتقادًا منهم بأن أحد اللصوص قد تنكر في تلك الهيئة ، ولكن المكان كان خاليًا ، وكانت مومياء الراهب موجودة في مكانها كما هي ، ولكن لقطات الكاميرا ظلت واضحة كما هي ، وعرضها فيما بعد مدير المتحف بوسائل الإعلام .الراهب لاما داشي ايتيلجوف :
تعود المومياء التي يدور حولها الجدل ، إلى الراهب البوذي لاما داشي ايتيلجوف ، وهو راهب روسي ولد عام 1852م حيث تربى وتعلم البوذية في أحد المعابد البوذية في روسيا ، واشتهر بعد ذلك ولمع نجمه في روسيا ، حيث شارك في العديد من الاحتفالات في عهد روسيا القيصرية ، وقام بافتتاح معبد بؤذي في سانبطرسبرج عام 1913م ، كما شارك في احتفالات عائلة رومانوف التي حكمت روسيا في أحد الأوقات من تاريخ روسيا .ولكن لم تستمر الأمور على نفس الخطى كثيرًا من الوقت ، حيث اندلعت الثورة الروسية عام 1917م ، واعتلى البلاشفة الحكم عقب إزاحة القيصر نيكولاس الثاني من العرش ، وفي تلك الأثناء تم إنشاء الاتحاد السوفيتي ، وقامت الدولة الشيوعية التي حاربت كافة المعتقدات والديانات الروحية ، ومن بينها البوذية بالطبع ، مما اضطر الراهب لاما داشي إلى إلاق معبده والتخفي بعيدًا عن أنظار البلاشفة.قام الراهب لاما داشي بممارسة طقس التحنيط الذاتي بحلول عام 1927م ، حيث توفى عقب أن قام بتحنيط ذاته في حجرة صغيرة قابعة تحت الأرض ، دون إعلام السلطات بذلك الأمر ، فقام أتباعه بفتح الحجرة في عام 1955م ولكنه لم يكن قد أكمل التحنيط بعد ، ولكن عندما تم إخراج المومياء في عام 1973م كانت المومياء بحالة جيدة للغاية ، واكتمل التحنيط في وضعية زهرة اللوتس كما أسماها الرهبان .ومن الأمور المذهلة أن الجثة قد ظلت طوال تلك الأعوام ، بحالة جيدة جديًا ومتميزة للغاية ، لم تتحلل ، وبقيت الأعضاء الداخلية بالجسد في حالة ممتازة ، بالإضافة إلى لين مفاصل المومياء وسهولة تحريك العظام والأطراف ، وكأنها جثة لشخص قد مات منذ ساعات قليلة وليست منذ أعوام !ويشتهر طقس التحنيط الذاتي باسم عبادة السوكو شينبوتسو ، هذا الطقس الذي مارسه رهبان البوذية منذ القرن الحادي عشر ، وحتى بدايات القرن التاسع عشر ، قبل أن يقوم الإمبراطور البوذي ميجي بمنعه عام 1877م .وهو طقس كان يقوم به الرهبان البوذيون ، عندما يشعر الراهب بأنه قد صار محتجزًا داخل جسده الضعيف ، فيبدأ حينها في إجراء طقوس التحنيط الذاتي حيث يسمو بروحه ، والإجراء هو عبارة عن دخول الراهب في حالة من الصيام هي أقرب إلى التجويع ، وليس الصيام فقط مع شرب بعض الخلاصات التي تساعد الراهب في فقدان الدهون من جسمه والتخلص منها .ثم يدخل في قبر بأحد الكهوف ، ويقرع الجرس كل يوم حتى يعلم من بالخارج أنه مازال على قيد الحياة ، إلى أن يأتي اليوم الذي لا يقرع فيه الجرس ، فيعلم من بالخارج أنه قد مات فيقومون بإغلاق باب الكهف ، إلى أن يتم إخراج المومياء عقب مرور فترة زمنية محددة ، ويتم وضعها بالمتحف.