تعد عروس المولد علامة بارزة من علامات التراث الشعبي القديم ، ودائمًا ما تبدأ مراسم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في شهر بيع الأول من كل عام ، ويتم فيها توزيع حلوى المولد ، وشراء العرائس الجميلة ذات الألوان المبهجة والطعم اللذيذ ، وقد ارتبطت تلك العروسة بوجدان المصريين حينما أدخلها الفاطميون في عهدهم ، وما زال الأطفال حتى الآن يفرحون بها وينتظرونها من العام للعام ، ولظهور تلك العروسة عدة قصص وروايات ينقلها الأجيال.القصة الأولى :
يُحكى أن الخليفة الفاطمي المستنصر بالله حينما كان يستعد لقتال بعض قبائل الصحراء المتعدية على أطراف مصر ، ووعد جنوده الأقوياء بتزويجهم من عرائس رائعات الجمال ، حثًا لهم على النصر والفوز ، وبالفعل نجحت حيلة المستنصر وانتصر الفرسان على المتعدين ، ولما عادوا وفي المستنصر بوعده وزوجهم من أبده جواريه حسنًا وجمالًا .وتصادف في العام التالي حلول ذكرى المولد النبوي مع الاحتفال بتوقيت النصر على الأعداء ، فأعد ديوان الحلوى التابع للخليفة عرائس من الحلوى اللذيذة ؛ لتقديمها للقادة المنتصرين هدية لهم على ما أبلوه في تلك المعركة ، ومنذ ذلك الحين ارتبطت عرائس الحلوى بذكرى المولد النبوي الشريف ، خاصة بعد أن ارتبط بها الشعب وأصبحت مصدرًا للبهجة والسعادة في كل عام.القصة الثانية :
هناك قصة أخرى وردت على لسان الدكتور محمد البيلي أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة ، ويقول فيها : أن الاحتفال بتلك المناسبة يرجع لأكثر من ألف عام بعد دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي مصر ، وكان الاحتفال بالمولد النبوي محبب لنفوس المصريين وكان أول احتفال به عان 973هـ .وقد ازدهر الاحتفال بالمولد على يد الفاطميون لأنهم استخدموه كوسيلة للتأثير في نفوس المصريين وجذبهم للمذهب الشيعي الاسماعيلي ، وكانوا يعدونه يومًا للترفية عن كل طبقات الشعب حتى يمكن استمالتهم متى أرادوا ، ولم تكن تلك أول مرة يحتفل فيها الفاطميون بالمولد النبوي ، فقد سبق لهم الاحتفال به حينما كانوا يحكمون المغرب ، فكان يخرج موكب الخليفة وتقام السرادقات والاحتفالات .القصة الثالثة :
والتي جاء فيها أن عروسة المولد ظهرت خلال عهد الحاكم بأمر الله الذي كان يحب زوجته كثيرًا ، وأخذها معه في الموكب الذي خرج به في المولد النبوي الشريف ، وظهرت بردائه الأبيض وعلى رأسها تاج من الياسمين ، فألهمت صناع الحلوى وقاموا برسم الأميرة على قالب الحلوى ، بينما رسم بعضهم الحاكم بأمر الله وهو يمتطي حصانة ، ومن هنا جاءت عروس المولد والفارس والحصان .وقد ارتبط تلك الذكرى عند المصريين بفلسفة العطاء والبهجة ، فكانوا يتصدقون بإعطاء الحلوى للمساكين في ذكرى المولد الشريف ، وكان حكام الدولة الفاطمية يشجعون شباب الدولة على عقد قرانهم في يوم المولد النبوي الشريف .والغريب في ذلك أن الحاكم بأمر الله أصدر قرار بمنع إقامة الزينة واحتفالات الزواج في أوقات السنة المختلفة وخصص يوم المولد النبوي لذلك ، فحرص الكثيرون على إتمام زواجهم في المولد النبوي حتى يتمكنوا من إقامة الاحتفالات وتعليق الزينة ، وفي ، والتوقيت ظهرت عروس الحلوى لتعلن عن قرب موعد الزواج ، وكانت عروس المولد هي هدية أهل العريس لعروسه .لذا قام صناع الحلوى بالتلوين والإبداع في شكل العرائس التي تعكس روح هذا العصر ، وكانت العرائس تصنع من العسل والدقيق أو السكر ، وتلون بالأصباغ الطبيعية وتزين بطريقة رائعة تجذب الصغار والكبار ، فقد كانت عروس المولد وما زالت واحدة من أجمل العادات التي أحبها المصريون وبرعوا في تنفيذها .