من أهم لوحات الفنان الإيطالي جيورجيوني ، الذي ولد في مدينة صغيرة بالقرب من مدينة البندقية تبعد عنها مسافة 40 كيلو متر ، كان يعرف باسم زورزو ولكن اكتسب اسم جيورجيوني فيما بعد ومعناه جورج الكبير ، نجحت أعماله في البندقية نجاحًا كبيرًا .بدأت موهبته الفنية في الظهور وهو بعمر العشرينيات عام 1500م ، كانت أول صوره التي حازت على إعجاب الكثيرين صورة لدوق البندقية ، توفى جيورجيوني وهو بعمر الثلاثة والثلاثين عام 1510م ، وبسبب قلة التدوين في هذا الزمان لم يصلنا إلا اعمال بسيطة حوالي ستى لوحات فنية فقط وأشهرها لوحة الفلاسفة الثلاثة .قصة لوحة الفلاسفة الثلاثة :
رسم جيورجيوني اللوحة عام 1509م وكان ذلك بناءً على طلب أحد تجار مدينة البندقية ، وكان التاجر يدعى تاديو كونتاريني ، كان قد عُرف عنه هوسه وولعه الشديد بعلم الخيمياء (الكيمياء) وعلوم الفلك والغيب ، ويرجح كثير من المحللين الفنيين أن أحد تلاميذه هو من أكمل اللوحة .اللوحة عبارة عن ثلاثة رجال في الطبيعة ، وفي الأفق يوجد بعض التلال تحتضن تلك التلال قرية صغيرة ولكن يظل اللغز هو ماذا يفعلون ، لذلك حام حول اللوحة الكثير من الجدل والفرضيات ، فهي لا تزال مادة لإطلاق الفرضيات المختلفة ، قال بعض المحللون أنها واقعية وأقرب إلى المنطق ، وأن هؤلاء الرجال الثلاث يمثلون حقب حضارية مختلفة ، فالشاب الجالس على الأرض ينظر ويحدق بالكهف عليه شكل يمثل عصر النهضة الأوروبية .أما الرجل باللباس العربي في المنتصف ، فهو رمز الحضارة الإسلامية في قمة نضوجها ، أما الرجل العجوز ذو اللحية البيضاء ويمسك في يديه ورقة ثمينة يخبئها داخل ملابسه ، يرمز للحضارة اليونانية القديمة أي الأصل القديم للحضارة الأوروبية .ولكن قال البعض أن موضوع اللوحة مستوى من التوراة أو من علوم الفلك والكيمياء ، والبعض الآخر يرى أن اللوحة من منظور جامعة سرية كان ينتمي لها جيورجيوني ، والبعض قال أنها في غاية الرصانة ولكن الفكرة الأقرب للواقع هي أنها ترمز لثلاث حضارات مختلفة ، وتظل الفكرة الجمالية تسيطر على اللوحة وكذلك الغموض الفني .وبعيدًا عن القصة تميز أسلوب اللوحة بحسن معالجة الظل والضوء والذي ظل مسيطرًا على البندقية حتى بعد وفاة جيورجيوني لنحو نصف قرن .