المهاتما غاندي رجلًا قلما جاء الزمان بمثله ، كان السياسي البارز والزعيم الملهم للهند إبان حركة استقلالها ، قاد العصيان المدني الشامل الذي أدى لاستقلال الهند والذي كان يدعو لللاعنف ، وألهمت حركته تلك العديد من حركات الحقوق المدنية في أرجاء العالم ، كما قاد العديد من الحملات الوطنية للتقليل من حدة الفقر والمناداة بحقوق المرأة والتصدي للنبذ الذي يحدث لأبناء وطنه ، فذاعت نشاطاته وأخلاقياته عبر العالم .ومن قصص غاندي الشهيرة التي يذكرها التاريخ هي قصته مع فردة الحذاء ، فحينما كان غاندي يحاول اللحاق بإحدى القطارات الذاهبة إلى وجهته ، أخذت عجلات القطار في التحرك وغاندي مازال بالأسفل فأخذ يجري مسرعًا في محاولة مستميتة للحاق بالقطار ، وبينما هو يحاول الصعود بعد أن أمسك بباب القطار فقد إحدى فردتي حذائه حيث سقطت منه سهوًا وهو في عجلة من أمره ، بالطبع لم يحاول غاندي النزول لجلب ما سقط منه لأن القطار كان يتحرك ، لذا فكر في أقل من دقيقة وخرج بقرار علم العالم كله معنى الإيثار وحسن التصرف ومراعاة الفقراء .لقد قام غاندي على الفور بخلع فردة الحذاء الأخرى وإلقاءها إلى جوار الفردة الأولى التي وقعت على سكة القطار ، فتعجب أصدقائه ومن معه في القطار من فعلته تلك ، وسألوه عن السبب فقال المهاتما غاندي : لقد رميتها لأني أحببت للفقير الذي يعثر عليها أن ينتفع بالفردتين ، لأن فردة واحدة لم تكن ستفيده بشيء وأيضا تلك الفردة التي كانت معي لم تكن ستنفعني بشيء لهذا رميتها لمن ينتفع بكلا الفردتين .وهكذا استطاع غاندي بهذا التصرف النبيل أن يلفت نظر العالم إلى أهمية فعل الخير والتبرع ليس فقط بكل ما هو زائد ولكن بما نحب أن نملكه ، كما أوصانا رسولنا الكريم حين قال وهو يحثنا على الإيثار حب لأخيك ما تحب لنفسك ، فللفقراء نصيب في كل ما نتمتع به من خيرات وغاندي بقلبه الملهم علم ذلك وحاول تطبيقه من مبدأ الإنسانية البحتة كي يحفر طريقًا في العدل والمساواة يسير على دربه الناس من بعده .