كثيرًا ما نعتقد أن كل ما هو قديم ومتعلق بالحضارات يمكن أن يكون مرجعًا ، وشاهدًا لتلك الحضارة وتقدمها ، ولكن هل فكرنا أن حضارة قديمة مثل العراق وكانت ما بها من شواهد ، تؤكد على تراجعها أو تخلفها فيما مضى ؟ هل قرأت مسلة حمورابي ؟ لابد أنك لا يمكنك تخيل ، بأن مسلة حمورابي يمكنها أن تكون شاهدًا على الحضارة العراقية القديمة وليس لها ، تلك المسلة التي تقف شامخة في بهو متحف اللوفر الآن ، وتحوي ما يقرب من 282 قانونًا ، مثلت شريعة حمورابي الأكثر قسوة في تاريخ البشرية .شريعة بلاد وادي الرافدين :
كان حمورابي أحد ملوك مملكة بابل ، وتشير الدراسات البحثية في التاريخ العراقي ، أن ما شرعه حمورابي من قوانين كان قاسيًا جدًا وتحول بعده إلى نظامًا كلاسيكيًا أساسيً في حياة من عاشوا في تلك الفترة القديمة حيث اكتشف العلماء العديد من القوانين والتي نقشت على ألواح منسوخة في نهايات القرن الخامس قبل الميلاد أي عقب وفاة حمورابي بأكثر من ألف عام .والتي يعتقد أنها ليست سوى تنقيحًا ، لما شرّعه حمورابي من قوانين ، كانت نافذة وغير قابلة للنقاش ، في بابل القديمة ونقلها الملك عيلام ، فيما بعد إلى خوزستان الإيرانية ، ليتم تداولها بعد ذلك من جانب الإمبراطورية الفارسية .الوحشية :
كان مجموع قوانين العراق القديمة ، حوالي 251 قانونًا كانت تتحدث عن كيفية القتل ، ففي قوانين حمورابي القتل ليس أمرًا بشعًا وإنما طريقة القتل ذاتها هي الفارقة وكانت أكثر من 15% من حالات القتل التي تمت ، قد أجريت بطرق مختلفة تم تصنيفها بأنها وحشية للغاية في عصرنا الحديث هذا .وكانت موزعة على أكثر من 1519 بندًا ، وتدع للقتل المباشر إما ذبحًا ، أو غرقًا أو حرقًا ، إلى جانب عقوبات قطع اليدين ، وبند قطع ثدي المرأة وآخر لقطع الأذن ، علمًا بأن كافة البنود ، تتضمن حالات الحروب والصناعات والطب والحياة الزوجية للسكان .قوانين المرأة .. حقوق وعقوق :
برزت الذكورية في تشريعات قوانين حمورابي نحو المرأة تحديدًا فكانت القوانين متناقضة ، في كيفية التعامل معها فأعطتها بعض القوانين حقوقها ، بينما أجحفت أخرى كافة الحقوق ، فقيل مثلاً أنه عندما يؤسر رجلاً وتخرج زوجته إلى رجل آخر .فإنه ينظر إلى ما تركه الرجل في المنزل خلفه من طعام ، فإذا لم يترك لها شيئًا فإنها تكون غير آثمة ، ولا لوم عليها والأطفال الذين أتت بهم من الرجل الآخر ، ينسبون لأبيهم مباشرة ، أما إذا كان قد ترك لها الطعام ، فإنها بهذا تكون مذنبة ولم تصن جسدها ، ويجب أن تموت غرقًا .القُبلة :
يصف التاريخ القديم ، خاصة في الهند عن القبلة بين العاشقين ، حتى أنهم قد وصفوها في أسطورة تحمل اسم كاماسوترا ، عن مواضع قبلة المحب على جسد حبيبه .قوانين لتكريس الاستبداد :
اعتقد حمورابي طويلاً ، أن الآلهة قد أرسلوه لسن مثل هذه القوانين ، والقضاء على الأشرار ونشر العدالة في العالم ، ومنع المتجبرين من ظلم الضعفاء ، فقال حمورابي ؛ أن الإله بِل قد اختاره ملكًا ، وقد أمد المدينة بالمياه لاوفيرة ، والخير والزاد كما أعان الشعب في أوقات المحن ، وآمنه على ممتلكات الشعب في بابل وأنه الحاكم الذي تسر أعماله الإله أنونيت .ولكن تلك القوانين المجحفة ، جاءت لتكريس سلطته ونفوذه فقط ، فكان الجندي يخرج محاربًا ، ولكن في سبيل الملك وحده ، وإن لم يذهب انصياعًا للأوامر ، فإنه يعد آثمًا ويتم قتله فورًا ، وإذا استأجر من يذهب للحرب بدلاً منه ، فأنه يتم قتله لعصيانه ، ويأخذ الآخر بيته ، أما إذا سمح رئيس السرية باستبدال جندي مكان آخر ، فإن الرئيس يُقتل ، وإذا ما اجتمع الثوار لدى بائعة خمر ، يجب عليها أن تسلمهم إلى البيت الكبير جميعًا ، وإلا وجب قتلها هي .