قصة مكتبتي البصرة وفيتشنيستا

منذ #قصص منوعة

ترى الأمم الانحطاط الفكري في تراجع القراءة والأعمال الأدبية المكتوبة حيث يتداخل تراجع الثقافة بوجه عام ، مع العديد من الأسباب الأخرى والتي تشكيل كيفية انحطاط الأمة الواحدة ، والتي تتجلى في امتداد عصور الخرافات والجهل ، والغزو المباشر الذي يؤدي إلى تدمير الحضارات.ولعل الكتب والمخطوطات والروايات ، والأدب وكل ما يتعلق بشتى أنواع القراءة والثقافة ، كل منها له قيمته ودوره ، في عملية الحفاظ على الحضارة الإنسانية ، إلا أن الغزو المباشر للدول ، قد شهد الكثير من التخريب حيث يمكن القول أن الأمر قد تحول ، في بعض الأحيان إلى صراعات حضارية وثقافية وكان الهدف الأول منها ، هو تدمير الآخر وفكره ، ولهذا كان يجب على الجميع ، أن يعملوا على حماية تاريخهم وحضارتهم وثقافاتهم ، بحماية المكتبات الكبرى ، داخل الدولة فالمكتبة قد تكون هي آخر ما تركته الحضارات خلفها .والعديد من الأبطال قدموا تضحيات كثر ، من أجل حماية الحضارة التي سعى آخرون ، لتدميرها ومحوها تمامًا ، عالية محمد باقر.. بطلة إنقاذ مخطوطات مكتبة البصرة إبان غزو العراق :كانت عالية محمد باقر ، أمينة للمكتبة المركزية داخل مدينة البصرة العراقية ، والتي شهدت قوات الاحتلال البريطانية إلى أراضيها ، في عام 2003م ، تزامنًا مع الغزو الأمريكي لها ، وفي هذا الوقت ، طلبت عالية من المحافظ أن يسمح لها ، بنقل المخطوطات وكل ما هو ذات قيمة ، إلى مكان أكثر أمنًا حتى لا يتعرض للتدمير ، وتفقد المكتبة والعراق كله ، كتبًا من أقيم وأرقى ما تم خطه على الورق ، إلا أن المحافظ رفض السماح لها بذلك ، دون أن يبدي أية أسباب .إلا أن عالية لم تستلم لهذا التعنت أبدًا ، حيث كانت تلك الكنوز القيمة والتي تدرك هي قيمتها بشدة ، كانت على وشك الاندثار تمامًا ، فتعاونت عالية مع أهالي الحي الذي شيدت فيه المكتبة المركزية ، وقاموا بنقل كل ما هو نادر وقيّم إلى مطعم مجاور للمكتبة ، في الخفاء ليلاً ، والجدير بالذكر هو أن معظم من تعاونوا معها ، لا يستطيعون القراءة والكتابة من الأساس ، إلا أنهم آمنوا بأن الحفاظ على ما تم خطه في تلك الكتب ، مثله مثل الكنوز ، وخافوا عليها من الضياع والتدمير .وكانت عالية قد استطاعت بمساعدة الأهالي بالحي ، من نقل ما يقرب من 70% من محتوى المكتبة ، إلى المطعم ، وكان من بينها كتبًا نادرة منها كتاب عن سيرة النبي ، كتب منذ 1300 عامًا ، ولكن لم تستطيع عالية نقل باقي المحتويات ، حيث اندلع حريق غامض أتى على ما تبقى داخل المكتبة من كنوز .وبهذا العمل اعتبر لجميع عالية ، بطلة من أبطال العراق ، وكانت مصدرًا لإلهام الكثيرين وقدمت الكاتبة ستاماتي كتابًا عام 2004م ، بعنوان مهمة عالية في إنقاذ كتب العراق .أبناء سراييفو تحدوا العطش لإنقاذ مكتبة مدينتهم من الدمار :
خلال فترة حرب البوسنة ، والتي تعد أشرس حروب يوغوسلافيا ، كانت مدينة سراييفو قد تعرضت ، للدك بطريقة وحشية حيث تزايد الحصار عليها ، وكان هذا الحصار هو أطول حصار خلال تاريخ أوروبا كلها ، عقب الحرب العالمية الثانية منذ عام 1992م وحتى عام 1996م .هذا الحصار والذي أدى بالسكان إلى طهي الأعشاب في ضاحية دوبرينيا لسد جوعهم الشديد ، إلى جانب انقطاع المياه ووقوفهم في طوابير طويلة ، من أجل الحصول على الماء ، وقصفهم آنذاك في مجازر مروعة ، بحق المدنيين .وعلى الرغم من الجوع والعطش الشديد نتيجة انقطاع المياه ، استيقظ سكان دوبرينيا ، على قصف استهدف المكتبة القومية فيتشنيستا ، مما دفع السكان بالحي إلى أن يهبوا  ، لمساعدة رجال الإنقاذ ، غير مبالين باحتياجهم للمياه .ولكنهم آثروا المكتبة وما بها من كتب ومخطوطات ، على حياتهم رغم أنهم لا يجدون قطرة الماء لترويهم ، فكانوا مثالاً لمن قدم لحضارته ، حياته بأكملها ودفع من أجلها الغالي والنفيس ، واكتشفوا فيما بعد أن المثقفين من أبناء المدينة ، كانوا قد نقلوا أغلب محتوى المكتبة إلى أماكن أخرى آمنة ، حرصًا على الحضارة البوسنية ، والتي كانت صربيا عاقدة للعزم ، على تدميرها كاملة.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك