قصة بيرعبوك من الفلكلور الكردي

منذ #قصص منوعة

تذخر ثقافات الشعوب ، سواء أكانت العربية منها أم الغربية ، بالعديد من الأساطير القديمة والخرافات ، التي تداولتها الأجيال جيلاً بعد جيل ، لتشكل وجدانهم بطريقة أو بأخرى ، وتظل راسخة في أذهانهم يروونها لأطفالهم ، ومن بين تلك الأساطير أسطورة بيرعبوك التي تناقلتها الأجيال الكردية طويلاً ، وتلك هي قصتها .إذا ما كنت تسير وحيدًا في البراري ، وتعاني من الفراغ حولك في كل مكان ، ورأيت نارًا مشتعلة ، فلابد أنك سوف تركض نحوها وتتهلل فرحًا ، نظرًا لأنك أخيرًا قد وجدت المساعدة ، وشعرت أنك لست وحيدًا ، ولكنني أنصحك بعدم الاقتراب ، والركض بعيدًا لمسافة طويلة ، حتى لا تقتنصك البير عبوك .البير عبوك هي أسطورة امرأة في الثقافة الكردية ، تتصف بأنها متوحشة وشريرة ولها نفس صفات الغولة ، وطالما أرعبت الجميع في طفولتهم ، حيث سردت بشأنها الكثير من الحكايات والقصص .ويقال أن البير عبوك عجوز شمطاء ، من الجن وهي قبيحة من الداخل والخارج ، وشريرة للغاية لا تكاد تمسك بأحدهم ، حتى تفتك به تمامًا ، ولكنها تفضل الأطفال الصغار نظرًا لأن لحومهم طرية ، ولا تستغرق وقتًا في الطهي ، إلى جانب أنها تفضلهم حيث لا مقاومة لهم .ومن بين أشهر قصص البير عبوك ، حكايتها مع طفلين شقيقين ، صبي وفتاة كانت والدتهما ، قد أرسلتهما لجلب بعض الحطب ، من الغابة القريبة من المنزل ، وحذرتهم الأم بألا يبتعدوا كثيرًا ، خشية ظهور البير عبوك لهما ، فأومأ الصغيران برأسيهما ، ولكن طبيعة الأطفال أنهم ينسون تعليماتك بمجرد أن يخرجوا ، إلى خارج المنزل .ذهب الطفلان الصغيران إلى الغابة ، وجمعا الكثير من الحطب ، وقد هما بالانصراف لولا أن جذبتهما البرية ، فبدآ في الركض واللعب دون الانتباه إلى الوقت ، حتى بدأت الشمس في الغروب تدريجيًا وعم الظلام الكثيف والغيوم ، فبدآ الصغيران في الركض والجد في السير ، علّهما يبلغان المنزل ، ولكن بلغ منهما الجوع مبلغه ، فجلسا وهما ينتظران رؤية أي منزل ، ليبيتا فيه حتى الصباح الباكر من اليوم التالي .وبما أن البرية مفتوحة ، وليس بها أية منازل كان الصغيران قد بدآ يفقدان الأمل ، ولكن فجأة لمحا نارًا متقدة على بعد مسافة قريبة منهما ، وتشمما رائحة طهي جذابة ، فسارا نحوها مبتهجين ، وطرقا الباب فإذا بعجوز شمطاء ، محدبة الظهر تفتح لهما ، ورحبت بهما ، واستقبلتهما بابتسامة خبيثة ، وطلبت منهما الدخول حتى يبتعدا عن البرد القارص بالخارج.فدخل الصغيران إلى المنزل ، وشعرا بالدفء في الداخل ، فوضعا أكوام الحطب أرضًا ، وجلسا للاستراحة من عناء الطريق ، فسألت العجوز الصغيران إن كانا يرغبان في احتساء بعض الماء ، فأجاباهما أن نعم ، فأتت بكوبين من الماء .ولكن الفتاة لاحظت أن لون الماء ، يميل إلى الحمرة بينما لم يلحظ أخيها شيئًا ، ثم سألتهما العجوز عن رغبتهما في تناول بعض الطعام ، فوافقا وجاءتهم هي ببعض الحساء والأرز ، تأمل الصغيران الأطباق ففطنت الفتاة ، إلى أن اللحم الذي تم تقديمه لهما ، هو عبارة عن أطراف بشرية .مجرد أن استوعبت الفتاة ما يحدث ، قامت البير عبوك بفرد ظهرها ، فجأة وأطلقت ضحكة مرعبة دوت في المكان ، فركض الطفلان في محاولة للهروب منها ، وقد علما مصيرهما ، إلا أنها استطاعت أن تقبض عليهما ، وكادت أن تضع الصبي في الحساء على النار ، ولكن الفتاة استوقفتها مدعية أن الحساء ، يمكن ألا يكون ملحه طيبًا ، فتوقفت العجوز فجأة وانحنت لتتذوق الحساء ، فقام الصغيران بدفعها داخل القدر ، وانطلقا هاربين إلى الخارج ، بينما العجوز تصرخ خلفهما .وصل الصغيران إلى قريتهما ، حيث استقبلهما الجميع في القرية ، ووجدا أمهما تبكي بشدة وحرقة ، فروى لهما ما حدث ، ومنذ هذا اليوم ، لا تتركهما والدتهما للخروج وجمع الحطب ، من البرية وحدهما قط. وانتشرت قصة البير عبوك بعدما سرد آخرون تفاصيلاً ، مثل التي مر بهما الطفلان أيضًا .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك