تتردد العديد من الأساطير التي ورد ذكرها عند مختلف الشعوب والقبائل بمختلف لغاتها وعاداتها ، والأسطورة ما هي إلا خرافة أو امتزاج الخيال بالتقاليد الشعبية ؛ وعلى الرغم من ذلك فإنها تجد مكانتها المميزة بين الشعوب وتتردد صداها بقوة داخل الكتب التي تتحدث عن تاريخ الشعوب وحكاياتهم المتنوعة .ومن الأساطير التي وردت بالكتب الفارسية أسطورة الملك الضحاك والذي يُعد واحد من أهم الشخصيات التي ورد ذكرها في الشاهنامة ؛ وهي كلمة فارسية تعني ملحمة الملوك أو كتاب الملوك ، كما ذُكر الملك الضحاك في الأساطير الإيرانية التاريخية والدينية وذكرته الأساطير الأزدية أيضًا .اسمه وألقابه بالأساطير :تم ذكره في الأفستا بلقب “أزي دهاكه” ، ولقد ورد ذكر اسمه بالكتب العربية والفارسية ولكن باسم مختلف وهو “أزدهاق” و “أزيدهاك” ، وتعبر هذه الكلمات التي لُقب بها عن أصل كلمة ضحاك التي تم ذكرها داخل ملحمة الشاهنامة وغيرها من الكتب الأخرى التي تحدثت عنه .كان “أزي دهاكه” يُعرف على أنه أحد الأرواح الشريرة داخل الأساطير الآرية ، وكان يُعرف في الأفستا على أنه شيطان يقوم بمنع ماء السحب من أن تنزل على الأرض ، كما كان يُعرف أيضًا على أنه أحد الملوك الجبابرة الطغاة ، وقد لُقب باسم “بيوراسب” وهي من الكلمات المركبة التي تحتوي على شقين هما كلمة (بيور) والتي تعني عشرة آلاف والكلمة الأخرى هي (اسب) وتعني الفرس ، كما حصل على لقب “التازي” وهي تعني عرب .نسبه وملكه :
كان الملك الضحاك حاكمًا لمملكة كانت عاصمتها بابل ، وهو أحد الملوك الكنعانيين ، وهناك بعض المؤرخين الذين يقولون أن الضحاك هو نمرود بن كنعان ، ولكن الطبري قد نفى ذلك الكلام وورد أيضًا عن ذوي العلم والمعرفة بأخبار السالفين أن نمرود أتى من قِبل الضحاك ليعمل كوالي .ورد الملك الضحاك في الشاهنامة على أنه شخصية عربية من اليمن ، كنا ذُكر أنه قد استقر في بيت المقدس ، وذلك ما قد تم تداوله من قِبل جمهور المؤرخين من الفرس والعرب الذين قبلوا نسبه إلى العرب ، وقام بعض المؤلفين من الفرس بوضع تاجًا بين آباء الضحاك وهو يعني أبو العرب .وهناك بعض الرواة الذين حاولوا أن يقوموا بتفسير السبب وراء اختلاف الروايتين في تحديد نسب الضحاك هل هو من أصل عربي أم من أصل فارسي ، حيث قيل أن جشميد قد زوجّ شقيقته من أحد الأشراف من أهل بيته ثم قام بمنحه مُلك اليمن ، وهناك أنجب الضحاك الذي تولى جشميد اليمن .أسطورة الملك الضحاك داخل الشاهنامة :
تقول هذه الأسطورة أن الضحاك قام بقتل أبيه مرداس ثم أصبح هو ملكًا على العرب ، ثم جاءه إبليس وهو يرتدي زي الطباخ فوافق الضحاك على تعيينه في المطبخ الخاص ، وكان الضحاك هو أول شخص يأكل اللحم بينما كان الناس يعيشون على أكل النبات ، وذات يوم دخل عليه إبليس فطلب منه الضحاك أن يقوم باقتراح أي شيء ليقضيه من أجله ، فطلب إبليس في ذلك الوقت من الضحاك أن يقوم بتقبيل منكبيه .وبالفعل قام الضحاك بتقبيل منكبي ابليس كما طلب منه ، ولكنه حينما نزل على الأرض خرجت حيتان سودوان من داخل منكبيه الاثنين ؛ لذلك حصل الضحاك على لقب “ماردوش” وهذه الكلمة تعني ثعبانين على منكبه ، وقد رأى الضحاك في منامه ذات ليلة أن ملكه سيزول على يد أحد الملوك الذي يُدعى “فريدون” .فبعث برساله للبحث عن فريدون بجميع أنحاء البلاد وقام بقتل الكثير من الرجال ؛ غير أن فريدون الأصلي قد سلمّته أمه لأحد رعاة المواشي نظرًا لخوفها عليه من القتل ، وبالفعل حينما كبر فريدون قام بمحاربة الضحاك وتمكن من أسره وتقييده داخل مغارة بجبل دماوند الواقع في إيران .