يذخر التراث بالكثير من القصص الملهمة ، وليس هذا في تراثنا العربي فقط ، وإنما في كل بقاع الأرض ، وللصين تراث واسع ، وعميق ينبع من ثقافتهم ، ومولان المقاتلة الشرسة ، لها جانب كبير من تكوين الثقافة الصينية ، والتي تحولت فيما بعد لعدد من أفلام الرسوم المتحركة أيضًا.روي أنه في قديم الزمان ، كان هناك فتاة تعيش في إحدى القرى ، بشمال الصين ، وكانت تدعى مولان ، عملت مولان كثيرًا في غزل الخيوط وغيرها من بعض المهام الأنثوية ، ولكنها كانت تجلس مهمومة جدًا ، حتى أن أمها قد سألتها عما يشغل عقلها وقلبها ، فأجابتها مولان أن لا أحد ، وأخذت تفكر فيما يشغلها حقًا ، فقد رأت في السوق أن الغزاة قادمون لغزو الصين .وطلب من الجميع أن يحتشدوا من أجل القتال ، والدفاع عن أرضهم ، وشاهدت قائمة مكتوبة بأسماء المحاربين ، ووجدت اسم أبيها بينهم ، وأخذت تتساءل كيف لأبي وهو رجل عجوز ، أن يحارب أو يقاتل في مثل عمره هذا ، بهذه الطريقة هو هالك لا محالة ، ولكن عليه أن يلبي نداء الإمبراطور ، وشقيقها صغير جدًا لا يستطيع خوض الحروب .اتخذت مولان قرارها وذهبت واشترت حصانًا ، ولجامًا وخوذة وسطوًا قويًا ، وقررت أن تخوض الحرب بدلاً عن والدها ، وفي الفجر ودعت مولان عائلتها الصغيرة ، وطلبت منهم أن يتمنوا لها التوفيق ، وانطلقت تشق طريقها لملاقاة أعداء بلدها .ذهبت مولان إلى المعسكر الذي أعده الإمبراطور ، وبدلاً من أن تسمع صوت والدها وهو يشجعها ، فقط لم تسمع سوى ضربات السيوف ، وصهيل الجياد عند الجبل الأسود ، أثناء خوضها للحرب برفقة المحاربين الصينيين الأشداء ، حيث جالت مولان عشرات الأميال ، وهي تواجه الآلاف وتحاربهم ، وعبرت الجبال والوديان مثل طائر جارح .اثنا عشر بطلاً:
كانت أشعة الشمس ترتجف على وجوه الأبطال ، وهم يحاربون أعدائهم ، وسقط منهم الكثير والكثير ، ولم يبق منهم سوى اثني عشر بطلاً محاربًا ، كرمهم الامبراطور لدى عودتهم ، بعد هزيمة الغزاة وتقهقرهم إلى خارج الصين ، وكان من بينهم المقالتة الشرسة البطلة مولان ، والتي ما أن سألها الإمبراطور عن رغبتها في المكافأة ، لم تطلب سوى جوادًا رسيعًا يحملها إلى أسرتها ، وعائلتها التي فارقتها منذ زمن .كانت الأسرة في استقبال حافل لمولان ، فأخذ والدها يتكئ على ساعد زوجته ، وقامت شقيقتها الصغرى بوضع بضعة مساحيق تجميلية على وجهها ، وكأنها تنتظر زوج المستقبل ، بينما شحذ شقيقها سيفه ، واستعد لذبح الخروف ، في استقبال البطلة فرحًا بعودتها سالمة إليهم .وصلت مولان وارتمت في حضن عائلتها ، وجلست تتأمل ما وصل إليه حالها ، وهي راضية عما حققته من إنجاز ، وأنها جنبت أبيها أولاً خوض مثل تلك المعركة ، وجنبت الصين كلها دخول الغزاة إليها ، ثم تزينت لتخرج أمام المحاربين ، وهم لا يصدقون أن مثل تلك الفتاة الرقيقة ، هي من كانت تحارب إلى جوارهم .الأنثى المحاربة:
ظلت أسطورة مولان تتناقلها الأجيال ، من جيل لآخر حتى أصبحت أيقونة صينية ، وأخذ الشعراء يرددون اسمها ، ويذكروها الأدباء في المحافل ، خاصة عقب موقفها الشجاع ، مرتين مرة دفاعًا عن أبيها ، ومرة أخرى دفاعًا عن بلدها ، خاصة وأن بعض المؤرخون قد ذكروا ، بأن ولد مولان كان يعاملها معاملة سيئة ، كونها فتاة وأنه لم ينجب ولدًا ، وردت هي على تلك القسوة بكل حب وتصميم على أن تثبت ، بأن المرأة لا ينقصها شيء عن الرجل ، ليتردد اسمها ويخلده التاريخ ، وتهدر به الحناجر بين الوديان والجبال مرددًا ؛ مولان .. مولان .