قصة موضع تغمره المياه

منذ #قصص منوعة

ككل المدن الساحلية غمرتها رائحة الأسماك ، وامتلأت محال الألعاب بالقواقع المطلية ، المتحجرة لكنها مع ذلك هشة ، حتى السكان كان مظهرهم خادعًا كالمحار ، مظهر عبثي كأن جسد الحيوان الحقيقي ، تم انتزاعه على رأس دبوس ، ولم يبق منه سوى القشرة الخارجية .كان الرجال المسنون في الاستعراض مغلفين كالأصداف ، أغطية أحذيتهم وسراويلهم القصيرة لركوب الخيل ، وفي أيديهم المناظير المقربة التي جعلتها أشبه بالألعاب ، من غير الممكن أنهم كانوا بحارة ، أو رياضيين حقيقيين ، كما تبدو تلك القواقع الملصقة على أطر الصور ، والمرايا كأنها رقدت يومًا في أعماق البحار .بدت النساء أيضًا بسراويلهن وأحذيتهن ، الصغيرة عالية الكعوب ، وحقائبهن المصنوعة من ألياف النخيل الراقية ، والقلادات اللؤلئية التي جعلتهن ، أشبه بأصداف النساء الحقيقيات ، اللاتي يذهبن صباحًا لشراء مستلزمات منازلهن ، من المحال التجارية .تجمع هؤلاء جميعًا المغلفون بأصدافهم ، ومشاعرهم الباردة كالأسماك ، من سكان المدينة الواحدة في المطعم ، والذي كان يحمل رائحة كريهة ، مثل مركب شراعي اجتذب في شباكه ، الكثير من أسماك الرنجة ضئيلة الحجم ، ولا جرم أن كمية الأسماك التي تم استنزافها ، في هذا المطعم كانت هائلة حقًا .انطلقت الرائحة بقوة نحو الغرفة المخصصة للسيدات ، بالطابق الأرضي من المطعم ، وقد تم تقسيمها إلى جزأين بينهما باب صغير ، وكان على أحد الجوانب مرحاض ، وفي الناحية المقابلة ، حوض كبير ومرآة ضخمة ، وفي تلك الأجواء تجمعت ثلاث فتيات ، ممن قمن بوضع مساحيق التجميل ، على بشراتهن بين الأبيض والأحمر ، وجلسن لتبادل أطراف الحديث ، فقالت إحداهن لم أعر تلك الفتاة أي اهتمام ، كما أن ألبيرت لا تعجبه الأنثى الضخمة ، ثم استدارت لرفيقاتها وقالت .. هل رأيته منذ عاد؟ عيناه .. زرقتهما غالبة كالبحيرات ، عينا جيرت أيضًا ، كلاهما لديهما نفس العينين ، ويمكن النظر خلالهما ، الاثنان لديهما نفس الأسنان البيضاء الجميلة للغاية ، إلا أن جيرت أسنانه ملتوية بعض الشيء ، يا إلهي .هنا تدفقت المياه ، حيث أتى المد بزبده ثم انسحب تارة أخرى ، عندما صاحت الفتاة فجأة ، لكن على جيرت أن يكون أكثر حرصًا ، إذا قُبض عليه وهو يفعل ذلك فسوف يحاكم عسكريًا .هنا تدفقت المياه بغزارة ، لتنطلق من الجزء الآخر من الغرفة ، يبدو المد في الموضع الذي تغمره المياه ، ينجذب ويتراجع إلى الأبد ، إنه يكشف عن تلك الأسماك الصغيرة ، فيتدفق عليها ثم يتراجع ، وهاهي الأسماك مرة أخرى ، تفوح منها رائحتها الكريهة ، والغريبة في آن واحد ، حيث تخترق الموضع الذي تغمره المياه .وتبدو المدينة فيس الليل ، بالغة الرقة في وهج أبيض يعلو الأفق ، حيث غطت الأطواق والأكاليل كافة الطرقات داخلها ، وانغمرت المدينة في المياه ، فلا يمكنك أن تتبين ، سوى هيكلها على أضواء القناديل الخافتة .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك