وقعت هذه القصة مع الشيخ ابن باز رحمه الله حينما حاول رجل باكستاني سرقة منزله في منتصف الليل ، ويحكي السارق قصته مع ابن باز ويقول :كنت أعمل حارسًا قبل عشر سنوات في مصنع بالطائف ، وعلمت من رسالة وردت إليّ أن أمي مريضة وتحتاج لزراعة كلية في أقرب وقت ، كانت تكلفة العملية سبعة ألاف ريال سعودي ولم يكن بحوزتي منها سوى ألف واحد فقط .أظلمت الدنيا في وجهي حينما لم أجد من يقرضني مالًا كي أعالج أمي حتى المصنع الذي كنت أعمل به رفض تسليفي المال ، وأمام هذا الظرف الشديد لم أجد أمامي حلًا سوى السرقة ، لذا قفزت على إحدى المنازل المجاورة للمصنع في منتصف الليل .وبعد قفزي عل سور المنزل بلحظات بسيطة وجدت نفسي محاطًا بالشرطة ، ولم أشعر بنفسي إلا وهم يمسكون بي ويجروني إلى سياراتهم ، حينها شعرت أن العالم انتهى فحياة أمي هكذا على المحك وأنا ضعت هباءً .وفجأة وقبل أن يأذن المؤذن لصلاة الفجر وجدت رجال الشرطة يعودون بي إلى ذلك المنزل الذي كنت على وشك سرقة اسطوانات الغاز منه ، ثم يتركوني به وينصرفوا ، قابلني هناك أحد الشباب وقدم لي الطعام والشراب وبكل رفق طلب مني أن أكل .تعجبت كثيرًا ولم أصدق ما يحدث هل أنا في حلم أم أنه ما يحدث بالفعل حقيقة ! ، انتهيت من طعامي مع أذان الفجر فقال لي أصحاب المنزل هيا توضأ للصلاة ، كانت خائفًا أرقبهم من حولي ولا أدري لما يتصرفون معي هكذا ، ولكن زالت دهشتي حينما رأيته .كان رجلًا كبير السن تبدو عليه هيبة العلم ووقاره دخل إلى المجلس متكئًا على أحد الشباب ، حينما رآني أمسك بيدي وسلم عليّ ثم سألني هل أكلت ؟ فقلت له نعم بعدها أخذني معه إلى المسجد وصلينا الفجر جماعة ، ولما انتهينا من الصلاة رأيته يتقدم ويجلس على كرسي بمقدمة المسجد والمصلين والطلاب يلتفون من حوله وهو ينهل من علمه ويعطيهم .حينما سألت عنه علمت أنه الشيخ ابن باز فوضعت يدي فوق رأسي من الخجل ، وقلت : يا الله ماذا فعلت ؟ لقد كنت أحاول سرقة الشيخ الجليل ابن باز لقد كنت أعرفه بالكاد فكثيرًا ما سمعت عنه في بلدي باكستان ، الكل يعرفه عندنا ويعرف دوره في نشر الدعوة وعلوم القرآن .مكثت استمع إليه في المسجد وعند انتهائه من الدرس اصطحبني معه للمنزل مرة أخرى ، وأمسك بيدي ثم تناولنا الإفطار معًا أنا وهو وبعض الشباب المرافقين له ، وأثناء تناول الطعام سألني الشيخ عن اسمي فقلت له مرتضى ، فقال لي : لما سرقت يا مرتضى ؟ فأخبرته بقصتي وقصة أمي المريضة وحاجتها لإجراء جراحة الكلى .فقال لي حسنا وأمر لي بتسعة ألاف ريال فقلت له : لا أحتاج سوى سبعة فقط فقال الشيخ الجليل الباقي لك ولكن لا تعاود السرقة ثانية ، شكرته وانصرفت من عنده وأنا ممتن له أشد الامتنان ثم سافرت بعدها إلى باكستان ، وهناك أجريت لأمي العملية الجراحية وتعافت بفضل الله .وبعد مرور خمسة أشهر عدت إلى المملكة وتوجهت إلى الرياض بحثًا عن الشيخ ابن باز ، ولما علمت أنه بمنزله توجهت إليه وذكرته بنفسي فسألني عن والدتي واطمئن على حالها ، فأخرجت من معي مبلغ 1500 ريال وأعطيتها له فقال لي ما هذا يا بني ؟ قالت له هذا ما تبقى من المبلغ الذي أعطيتني إياه فرفض أن يأخذه وقال لي : هو لك .حينها قلت للشيخ ابن باز وكلي رجاء : يا شيخ لي عندك طلب أرجو ألا تردني ؟ فقال اطلب يا ولدي قلت له : أريد أن أعمل في خدمتك وبالفعل عملت لدى الشيخ ابن باز حتى وافته المنية عام 1420هـ ، وأثناء عملي لديه أخبرني أحد الشباب عن اليوم الذي قفزت فيه على المنزل الشيخ ابن باز لسرقته.فقال لي : حينها كان الشيخ يصلي الليل ، ولما شعر بحركة في الدار ضغط على الجرس الذي يوقظ به أهله لصلاة الفروض ، فاستيقظوا جميعًا وهم في حيرة فالوقت لم يكن موعدًا لصلاة من الصلوات الخمس ، وسألوه عن السبب فأخبرهم أنه سمع صوتًا لذا اتصلوا على الشرطة فجاءت مسرعة وأمسكت بك .ولما علم الشيخ بما حدث وأخبر أهله أن الصوت كان للص حاول السرقة فسلموه للشرطة ، غضب كثيرًا واستنكر فعلتهم قائلًا أحضروه بسرعة فوالله ما سرق إلا لحاجة له ، رحم الله الشيخ ابن باز العالم الجليل الذي غاب عن عالمنا لكن لازال علمه ومحبته باقيان في القلوب .