الرضا من أهم النعم التي وهبنا الله إياها ، ولابد لنا أن نشكره ونثني عليه ، لما وهبنا الكثير من النعم التي لا تعد ولا تحصى ، ومن أبسط طرق شكر المولى عزوجل على نعمه علينا ، هو أن نحافظ على وهبنا إياه ، وألا نفرط في نعمه أبدًا أن نسيء استخدامها ، فلا نستخدم أيدينا بالسرقة ، ولا أعيننا بالحسد ، ولا أقدامنا بالسير في طريق خاطئ وبرفقة أصدقاء السوء .كما أنه من واجبنا أن ننصح غيرنا ، إذا ما وجدنا أحدهم يخطئ ، وألا نتركه يفعل أمرًا قد يؤذيه أو يدفعه لخطر ما ، ولكن هل أدركت الغزالة زوزو هذا الدرس ؟يُحكى أنه في أحد الأيام المشمسة ، تجولت الغزالة الصغيرة زوزو ، في أرجاء الغابة الجميلة ، ذات الأشجار العالية والمياه النقية ، وأخذت تتنقل بين الأشجار ، حيث عصف بها لتفكير كثيرًا ، وما كان يجذب تفكير زوزو هو التفكير في تغيير شكلها ، فهي لم تكن راضية عن هيئتها ، وشعرت أنها كانت سوف تصير أجمل .إذا لم يكن لديها هذين القرنين على رأسها ، فكانت كلما نظرت إلى صورتها على صفحات مياه النهر ، بكت بشدة بسبب قلة الرضا لديها ، وبدأت تفكر في كيفية خلعهما ، وكانت في أزمة حقيقية ، فكل من صارحتهم بشأن هذا الموضوع ، من الحيوانات رفضوا مساعدتها ، وأخبروها أن تحمد الله وتشكره على هذه النعمة ، وألا تقنط وتسخط حتى لا تضيع منها نعمة الله عليها ، وتندم في وقت لا ينفع فيه الندم .إلا أن الغزالة الصغيرة زوزو ، أصرت على موقفها على الرغم من محاولة ، الحيوانات إقناعها بأن شكلها بالقرنين جميل كما أنهما يمثلان سلاحًا لها ، تدافع به عن نفسها ، إلا أنها لم تقتنع قط .في النهاية ذهبت الغزالة زوزو المغرورة ، إلى الطبيب القرد وأخبرته بما ترغب ، ولكنه حاول أن يثنيها عما أرادت ، وأخبرها أنها لو فقدت قرنيها ، لن تستطيع أن تعيدهما مرة أخرى ، ولكنها أصرت على موقفها ، فساعدها الطبيب القرد على مضض ، وأخبرها للمرة الأخيرة ألا تجري تلك العملية ، إلا أنها أصرت أكثر ، فقال لها تحملي نتائج أفعالك ، وقلة الرضا بداخلك فلقد نصحتك أنا ومن يهتمون بأمرك ، ولكنك رفضت الانصياع لنا .قام الطبيب القرد بإجراء العملية للغزالة ، بعد جهد بالغ ، وخرجت هي من عيادته وهي مسرورة وفرحة للغاية ، وقالت لنفسها أن أول شيء ، سوف تفعله هو أن تذهب لترى وجهها على صفحات مياه النهر العذب ، وبالفعل توجهت الغزالة إلى النهر ، وشاهدت نفسها وتأملت ملامحها ، وكانت فرحة للغاية لأنها نفذت ما أرادت .أثناء مكوثها أمام صفحات مياه النهر ، لمحها الثعلب الماكر وهو يتجول بالغابة ، واندهش عند رؤيتها ، ولكنه فكر سريعًا بأنها الآن قد فقدت ، سلاحها الذي تدافع به عن نفسها ، فذهب إليها وهو يرسم الابتسامة على وجهه ، وقال لها ما هذا الجمال أيتها الغزالة الصغيرة ، استدارت لغزالة لتجد الثعلب .خافت قليلاً ولكن المدح المنافق الذي سمعته ، جعلها تسر للغاية وظنت أنها بالفعل صارت أجمل ، وشكرته على مدحه هذا ، فقال لها الثعلب لقد صرت أجمل كثيرًا مما سبق ، ولهذا فأنا أدعوك لتناول الغداء معنا أنا وزوجتي ثعلوبة ، فترددت الغزالة قليلاً ثم وافقته ، وذهبت معه .أثناء مغادرته للعيادة ، لمح الطبيب القرد الغزالة زوزو ، وهي برفقة الثعلب ، فهلع وذهب ليخبر حيوانات الغابة ، الذين تجمعوا كلهم وذهبوا إلى منزل الثعلب ، لإنقاذ الغزالة الصغيرة التي لم تدرك الفخ ، وبالفعل استطاع الحيوانات أن يلحقوا بهما ، وينقذوا الغزالة المسكينة ، وبرحوا الثعلب المكار ضربًا ، وقال لها القرد لقد نصحناك جميعًا أنك سوف تفقدين سلاحك ، وجمالك أيضًا فالله لا يخلق شيئًا قبيحًا ، فبكت الغزالة وقالت لهم سامحوني جميعًا ، لقد أدركت الآن أنني قد فرطت ، في إحدى نعم الله عزوجل ، وأرجو من الله أن يغفر لي تفرطي بها .