قصة حارس القطيع

منذ #قصص اطفال

على مدى عشر سنوات أو أكثر كان زغران ، يمشي وراء القطيع ويحميه من الذئاب والواوية واللصوص ، وخلال هذه المدة التي تولى فيها زغران الحراسة ، لم ينقص القطيع ولا رأسًا .زغران حارس القطيع :
في الحر والبرد ، كان زغران بخاصرتيه المجوفتين وفمه الواسع وشدقيه المتهدلتين من قسوة العظام العارية الآدام والنباح ، حارسًا شديد البأس والوفاء والأمانة ، لصاحب القطيع وقطيعه وأهل بيته ، هذه المهمة القصوى التي أوكلت له ، جعلته دائم القلق والتوتر ، يشنف أذنيه وحواسه الأخرى ليتفادى الأخطار المباغته التي من شأنها المساس بأصحابه ، قبل وقوعها ، ولذلك كان بالكاد يغمض له جفن ، كما أنه لا يتمادى بأحلامه بعيدًا عن مؤخرة القطيع ، وعتبة الدار والعظمة العارية كالريح الملقاة اليه ، إلى أخرى مكتظة باللحم والدهن .نكران الذات والوفاء :
كما كان يطمس بقهر رائحة زغرانه ، التي تهف اليه من مسافات بعيدة وتدعوه بإلحاح إليها ، كأنه أدرك بفطرته الكلبية المجبولة على نكران الذات ، والوفاء والإخلاص للصاحب : أن قدره أن يكون زغران حارس القطيع ،  ولا شيء غيره .الحراسة :
وعندما كان القطيع يعود إلى حظيرته سالمًا في آخر النهار ، كن زغران يستلقي على جنبه أمام عتبة البيت مطمئن البال ، يمد قوائمه المتعبة ، يغمض عينه  نصف إغماضه ، ويستلقي قليلاً قبل قدوم الليل ، الذي يعني له بداية الشوط الثاني من الحراسة كان زغران معنيًا بسلامة عالمه وناسه الذين قصّوا له ذنبه المعوج بالمقص لأنه لا يتقولب إلى الاستقامة التي يطمحون إليها .ولو وضعوه في القالب أربعين سنة ، يومها كان زغران جروًا ، نبح نباحًا مؤلمًا ونزف دماءً كثيرة من عصّه ، ومع الأيام تأقلم مع وضعه الجديد ، حتى أنه نسي ذنبه وشكله والآلام التي سببها اجتزازه منه ، وازداد تعلقًا بصاحبه وقطعانه .في السهر :
بقدوم الصيف يكبر ضوء القمر ، وتكثر السهريات على السطحيات ، تعج سطحية صاحبه بالأصدقاء الذين كانوا يتحدثون بأصوات عالية وكلمات مبهمة ، لا يفهم زغران معظمها وهو مستلقي أمام باب البيت ، رغم ذلك كان يشنف حاسة شمه وأذنيه لكي لا تفوته ولا كلمة من تلك الأحاديث .المدح  :
يقاوم إغراء الرقاد ليسمه اسمه ينطلق من فم صاحبه ، وهو يكيل له المديح ، ويقول عنه أمام الجميع ، أن أصل الزغران كان ذئبًا ، وأنه أصبح زغران منذ أول عظمة رماها له وتمزق شدقاه وتدمى فمه من قسوتها ، لم يكن لزغران ذنب ليهلل به طربًا على مديح صاحبه له ، وفي نفس اللحظة كان زغران يغتم وتقطر نفسه حسرة من أصحاب القطعان الذين حولوا الذئاب إلى كلاب! وليتهم اقتصروا على هذافصاحب القطيع وأهله وجيرانه وكل سكان القرية ، اذا أرادوا أن يوجهوا الشتائم والسباب والتحقير لشخص دون غدر بهم يقولون له : كلب ابن كلب ؟؟ .. يحتار زغران : كيف يتهمونه بالغدر وهو على هذه الدرجة من الوفاء ؟ غريب أمر هؤلاء البشر الذين لا يخجلون من لصق صفاتهم بالكلاب !!الكبر والشيخوخة تلاحق الزغران :
بعد عشر سنوات كبر زغران وهرم ، أقعدته الشيخوخة ، وقاعسته عن الحراسة والنباح والسهر ، يومان فقط من التقاعد القسري ، خبت فيهما عيناه وكل جسده ، ونباحه إلى حشرجة وأنين ، ليس من حق كلاب الحراسة التقاعس والتقاعد يا زغران ، حتى وإن كانوا أفنوا أعمارهم وزهوتها في الحراسة .النهاية :
حاول زغرن أن ينسل من شيخوخته ومرضه ويلحق بالقطيع ، رأي صاحبه مقبلاً عليه وهو يدكّ بارودته بالخرطوش ، برك الزغران في مكانه مستسلمًا لقدره الزغراني ، قرّب صاحبه من فوهة البارودة السوداء من صدغه ثم ضغط على الزناد .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك