تجلى القرآن الكريم بروح المناجاة إلى حبيب الله المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام ؛ كما ذكر المولى عز وجل الكثير من البشرى وتيسير الأمور لعباده ؛ وذلك لتقديم الاطمئنان والسكينة في نفوس المؤمنين.جاءت سورة الشرح لتشرح النفوس وتطمئنها بقدوم اليسر بعد العسر ؛ حيث يقول الله تعالى في سورة الشرح بسم الله الرحمن الرحيم { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ }نزلت سورة الشرح بعد نزول سورة الضحى ، وكأن المعنى الوارد فيها جاء ليُكمل المعنى الذي ورد بسورة الضحى ، تتجلى بسورة الشرح روح العناية الإلهية والمناجاة إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، كما تحمل البشرى بالفرج واليسر الذي يأتي ليزيل أي عُسر أو صعاب أصابت الإنسان .وردت روايتان في سبب نزول سورة الشرح ، وتقول الرواية الأولى أنها نزلت بسبب معايرة كفار قريش للمسلمين داخل مكة بسبب فقرهم ، فأنزل الله تعالى “ِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” ؛ ليبشر الله عباده بالفرج القادم .وجاءت الرواية الثانية تبعًا لما ذكره ابن كثير بأن الرسول صلّ الله عليه وسلم سأل الله عزوجل من فضله الذي أفاض به على الرسل والأنبياء من قبله ؛ حيث المعجزات الكثيرة مثل إحياء الموتى وتسخير الرياح ، لذلك أنزل الله تعالى سورة الشرح ليُذكر نبيه صلّ الله عليه وسلم بنعمه العظيمة عليه ؛ حيث قد هداه إلى الحق وحفظه وهو طفل يتيم .تبدأ سورة الشرح بسؤال ولكنه ليس سؤالًا للإجابة ؛ بل إنه جاء ليخاطب النبي صلّ الله عليه وسلم ويؤكد المعنى الوارد بالآية الكريمة ؛ حيث يقول الله تعالى ” أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ” ؛ وهنا يشير المولى عزوجل إلى هداية رسوله الكريم إلى طريق الدعوة والإيمان وحفظ الوحي .وتأتي الآية الثانية لتُكمل حديث الله تعالى إلى رسوله الكريم في قوله تعالى ” وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ” ؛ أي قد تمت إزالة ما قد سلف من رسول الله صلّ الله عليه وسلم خلال أيام الجاهلية .ثم تأتي الآية الثالثة كنتيجة لما قبلها في قوله تعالى ” الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ” ؛ وهو ما يعني أن تلك الأوزار السابق ذكرها والتي أسقطها الله سبحانه وتعالى عنك ؛ كانت ستثقل في حملها على ظهرك ؛ لذلك كانت إزالتها رحمة من المولى عزوجل .ويؤكد الله تعالى في الآية الرابعة على مكانة رسوله الذي رفع من شأنه في قوله تعالى” وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ” ؛ أي أنه رفع من شأن مكانته وذكره في الدارين الدنيا والآخرة ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر على ارتفاع شأن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ هو إرفاق اسمه في نطق الشهادتين التي تقول “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله” ، وكذلك يُذكر اسم الرسول الكريم أثناء إعلاء الآذان.تأتى البشرى بالفرج في الآية الخامسة في قوله تعالى ” فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” ؛ ويقدم الله وعده بأن الفرج سيأتي بعد كل حالة عُسر وضيق ، ثم يؤكد المولى عزوجل على نفس المعنى في الآية السادسة في قوله تعالى ” إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” ؛ وقد ورد عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قوله “لن يغلب عُسر يُسرين”.ثم يأمر الله تعالى رسوله الكريم بكثرة الدعاء في قوله تعالى بالآية السابعة ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ” ؛ وهو ما يعني كثرة التوجه إلى الله والسعي إلى الرزق ، وجاءت أيضًا الآية الثامنة والأخيرة بتتمة للأمر الإلهي في قوله تعالى ” وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ” ؛ أي التضرع إلى الله سبحانه وتعالى خشيةً من عذابه ورغبةً في رحمته وغفرانه.