في بعض الاحيان يقع بعض الأشخاص ، ضحية خطأ غيرهم ويظل الضحية يدفع الثمن لسنوات طويلة من عمره ، ومن ضمن تلك الضحايا كانت الطفلة منال ، والتي ولدت بعد خطأ غير محسوب من والدها ووالدتها ، حين قررا الزواج سراً وكان والد منال من جنسية تختلف عن جنسية والدتها .كان والد منال ووالدتها قد تعرفا في أحدى المناسبات ، واتفقا على الزواج سراً وعدم الانجاب ، بل واتفقا على مصارحة الأهل بخصوص ذلك الزواج بعد فترة من الزواج لظروف معينة ، وبعد عام حدث الخطأ الغير محسوب ، فقد علمت والدة منال بحملها ، وعندما عرف والد منال بحمل زوجتهن اتفقا على مصارحة الأهل في نهاية الحمل ، والاعتراف بكل شيء .اكتشاف الحمل :
استمرت حياتهما على ذلك الوضع ، إلى أن وصلت والدة منال حملها في الشهر السادس ، وبدأ علامات الحمل تبرز وتلاحظ من الجميع ، وكانت والدة منال تحاول التهرب من أهلها ، وتجنب الخروج معهم ، وارتداء ملابس فضفاضة حتى لا تظهر لهم حملها ، ولكن اكتشفت والدتها الأمر .علمت والدتها بشأن حملها وزواجها ، وأرغمت والدة منال على إجهاض جنينها ، ومقابلة والد الجنين ، ورغم المحاولات المتعددة لإجهاض الجنين أي الطفلة منال ، كانت قدرة الله فوق كل شيء ، ولم يحدث مكروه لتلك الطفلة وهي في بطن أمها ، وأتمت والدة منال شهور حملها ، ووضعت الطفلة منال .لقاء بين أهل والدة منال ووالدها :
طالب أهل والدة منال لقاء والد الطفلة على وجه السرعة ، وتم اللقاء وطالب أهل والدة منال من زوجها أن يقوم بتطليقها ، وان تكون الطفلة منال في رعايته ، وقد وافق والد الطفلة منال على كل شروط أهل والدة منال ، لأنه يعلم أن رفض أو حاول يرفض طلبهم ، ستكون هناك مشاكل كبيرة قد تنهي حياته .منال في رعاية والدها :
بقيت الطفلة الرضيعة منال مع والدها ، ولم تكن لديه أدنى خبرة بالتعامل مع الأطفال الرضع ، ولم يستطع تقديم الرعاية الضرورية للطفلة الرضيعة ، وبعد مرور أسبوع مرضت الطفلة مرضاً شديداً ، وشعر والدها بأن لو بقيت معه تلك الرضيعة ، لفترة أطول من ذلك قد تمرض أكثر ، وتموت لا قدر الله .حاول والد منال إرجاع الطفلة إلى والدتها ، لكن أهلها رفضوا لقاء والد منال وطلبوا منه الالتزام بشروط الاتفاق ، وكان ذلك الوقت عصيب بالنسبة لوالد منال ، وهو لا يعلم ماذا يفعل ، وكيف سيربي تلك الرضيعة بمفرده .وبعد تفكير عميق ، قرر والد منال أن يعطيها لأحد من أصدقائه لتربيتها ، والذي كان لديه طفلة بنفس عم منال تدعى خديجة ، وألتقى والد منال بصديقه ، وسلمه الطفلة منال وودعه .منال في رعاية صديقة والدها :
وعاد صديقه إلى المنزل ، وحينما طلب من زوجته أن تضم الطفلة منال مع أولاده لتربيتها رفضت ، ولكن حاول إقناعها بطرق متعددة وفى النهاية وافقت ، ومرت الأيام وعاشت منال في منزل غير منزلها ، ومع أسرة ليست بأسرتها .وكبرت منال وتربت معهم ، ولم تكن تعلم أي شيء عن حقيقتها ، ولكن كانت تشعر من حين لآخر باختلاف المعاملة بينها وبين خديجة ، فقد كانت خديجة تنال دلال والديها أكثر منها ، وتحصل على كثير من الامتيازات عن منال .بداية ظهور الحقيقة :
عاشت الطفلة منال على هذا الوضع عدة سنوات ، حتى بدأت مرحلة دراستها ، حيث التحقت منال مع اختها خديجة بأحدي المدارس الابتدائية ، وكانا في نفس الفصل ، وفي أحد الأيام طلبت المعلمة مشروع ، وكانت منال قد اشتركت مع خديجة في إنهائه ، وتم تقديمه للمعلمة في اليوم التالي .وفى اليوم التالي نال مشروع منال إعجاب المعلمة ، حتى سألتها : مع من قمت بلك المشروع ؟ ، فردت منال : مع أختي خديجة ، تحيرت المعلمة وقالت : أختك ؟ كيف ؟ ، واسم والدها يختلف عن اسم والدك .لم تستطع منال الرد على سؤال المعلمة ، وصمتت وعندما عادت إلى المنزل ، سألت والدتها لماذا اسم والدها يختلف عن اختها خديجة ، فردت الام بقسوة وقالت : لأنك لست ابنتنا ، فقد وجدناك في الشارع وجلبناك شفقة للعيش معنا .عادت الطفلة منال إلى غرفتها باكية ، وكانت منال تبلغ من العمر عشرة أعوام ، ومرت الأيام والسنوات ، وكانت منال تتساءل كثيراً عن هويتها وأسرتها الحقيقة ، لكن كانت والدتها تخبرها شيئاً مختلفاً في كل مرة ، وكانت كل مرة تسمع فيها منال رد والدتها على ذلك السؤال ، كانت تشعر بالقهر أكثر فأكثر .اليوم المنتظر :
مرت الأيام إلى أن جاء اليوم الذي سيغير حياة منال ، وكان ذلك اليوم هو أول أيام العيد ، وكانت منال تتطلع إلى اختها خديجة ، والتي اشترت لها والدتها فستاناً جميلاً وحذاء جديداً ، ولم تهتم والدتها بشراء مثله لمنال ، وظلت منال تتطلع إلى اختها خديجة في حسرة وحزن .ودق باب المنزل فأسرعت منال نحو الباب لفتحه ، وما أن فتحت الباب حتى رأت سيدة تقف صامتة ، تنظر إلى منال ، وسألت منال تلك السيدة : من أنت ؟ ، فردت السيدة : هل أنت منال ؟ ، فقالت : نعم . وأنت ؟لم تستطع السيدة السيطرة على دموعها ، وضمت منال إلى حضنها وحملتها ، وهي تلمس بيدها شعر منال وكتفها وتزيد من ضمها ، وتبكى وكانت منال متحيرة من ذلك فلم يحضنها أو يضمها أحد من قبل .ابتسمت منال ، وشعرت بفيض من الحنان تجاه تلك السيدة ، وقالت لها : من أنت ؟
تماسكت السيدة وقالت لها : أنا امك ، فرحبت صاحبة المنزل بالسيدة ، وجلست لتخبر قصتها لها وكيف حصلت على العنوان بعد سنوات عديدة ، من البحث عن منال وأخبرتها أنها تريد أن تأخذ منال لتربيتها ، وأبرزت لها شهادة ميلاد منال ، التي كان تحتفظ بها منذ عشرات السنوات ، لتثبت نسب منال لها .تمت إجراءات اعادة منال إلى والدتها ، وكانت قد وعدت والدتها الأولى بزيارتها ، من وقت لآخر لكن لم تفي منال بوعدها ، وظلت تحتفظ بمرارة العيش في ذلك المنزل بداخلها ، فقد كانت مثل الخادمات ، وكان التمييز يقهرها ويدمر نفسيتها .