قد يعتقد البعض أنني امرأة سلبية ، لا أثور لكرامتي أو أحاول أن أرد حقوقي ، لكني أعلم في قراره نفسي أن صبري ودعائي إلى الله هو القوة بعينها ، وها أنا قد رد الله كل ما فعلوه بي وأكثر ، فقط دعوني أبدأ القصة من البداية .توفيت أمي وأنا في الثالثة عشر من عمري وتوفي أبي بعدها بعام واحد ، لم يكن لي سوى المنزل الذي كتبته لي أمي قبل أن تموت وبضع أموال في البنك ، لم أستطع الحصول عليها بسبب أني مازلت قاصر .ذهبت إلى منزل جدتي لوالدي كانت تعاملني ببرود شديد ، لم تكن تتعاون مع أي خطأ أقوم به ، تنهال علي بسيل من السباب والشتائم ، كنت أبكي في غرفتي لساعات وحدي ، حين بلغت ستة عشر عام اخبرتني جدتي بأني أصبحت امرأة ولابد أن أتزوج ، لم أدر ماذا أفعل أو كيف أتصرف ، كان العريس المنتظر هو ابن عمي ، والذي علمت فيما بعد أن والده اختارني بالخصوص للزواج منه لكي أخدمه أثناء دراسته بالخارج ، وأن بعد انتهاء مهمتي سيطلقني على الفور .ولحسن حظي تمكنت من الحصول على شهادتي الثانوية قبل الزواج والسفر ، تزوجنا وكنت حينها طفلة لا تدرك أي شيء ، لكني أعلم كيف أرتب المنزل وأنظفه ، وكيف أقوم بغسل الملابس وطيها وكان هذا كل المطلوب مني .وسمح لي ابن عمي أن أكمل دراستي في أحد الجامعات المحلية ، لم تكن مصروفاتها مرتفعة ، ولم تكن الدراسة بها صعبة ، ودرست إدارة الأعمال والاقتصاد ، وانتهيت من دراستي بعد ثلاثة سنوات فقط ، حتى قبل أن ينتهي زوجي من دراسته والتي استمرت ستة سنوات .وطلبت منه أن أعمل ولم يرفض وبدأت بالفعل في عمل بسيط لكي أكتسب الخبرة ، وكنت أدعو الله على الدوام أن يعوضني حنان والدي ووالدتي ، لم يكن زوجي شخص سيئ ، حقيقة أنني لم أكن أراه كثيرًا بالمنزل ، فقد كان دائم التواجد بالخارج .وعلى الرغم من تواجدنا بنفس المنزل إلا أننا كنا مثل زملاء السكن ، لا يجمعنا شيء حتى الوجبات التي أعدها يتناولها كل فرد على حدا ، وكان كل شيء في حياتي مستقر ، وكنت حينها في الثانية والعشرون من عمري ، وأنهى زوجي دراسته وقرر أن يبدأ في العمل.وفي أول إجازة إلى الوطن جلسنا بمنزل عمي والد زوجي ، وتغيرت معاملة زوجي لي بشكل ملحوظ ، صار يوبخني على أقل شيء و يصرخ في وجهي ، حتى أنه صفعني أمام الأسرة كلها بسبب خلاف بسيط في وجهات النظر.وبدأت والدته تدخل بشكل سافر في كل ما يخصني ، وتلمح أني عاقر ولن أنجب ، لم تكن تعلم أن زواجنا كان مجرد حبر على الورق فقط ، كانت تضغط علي بشدة ولم أكن أرد أو حتى أدافع عن نفسي ، كنت أدخل إلى غرفتي وأبكي وأدعو الله أن يخلصني من هذا الأسر .وقبل ميعاد السفر طلب مني زوجي أن أعطيه من مالي الذي تركه لي والدي ، وأن أبيع المنزل الذي تركته لي والدتي ، ورفضت بشدة فلم يدخر شيء يمكن أن يعينني به إلا وفعله ، سبني وضربني أمام الجميع ، لم أكن لأفعل شيء لولا ابنة عمي شقيقة زوجي .أرسلها لي لنجدتي هونت علي الكثير بالطبع في الخفاء ، وساعدتني على الهرب من المنزل حين ضربني زوجي وتسبب في كسر ذراعي ، وذهبت إلى قسم الشرطة وقدمت بلاغ فيه ، وذهبت إلى منزل والدي القديم ، في اليوم التالي حاول زوجي أن يتعدى علي من جديد ، فتصدى له الجيران وكان أحدهم محامي عرض علي أن يقدم فيه بلاغ أخر ، وافقت وطلبت منه أن يرفع دعوى بالطلاق .وبعد ثلاثة جلسات فقط أمر القاضي بالطلاق ، أعدت ترتيب منزل والدي وأقمت فيه ، وتمكنت من الحصول على وظيفة بأحد الشركات الكبرى ، تعرفت على مدير القسم الذي أعمل به وتزوجنا بعد عام واحد من طلاقي ، الآن عوضني الله عن كل الألم والمعاناة التي عرفتها في حياتي ، الآن عرفت قيمة الصبر والدعاء ، الآن صرت أنا الأقوى .