لا يمكن لأحد أن ينكر أبدًا قوة مشاعر الأبوة والأمومة ، ولكن حين تنعدم هذه المشاعر ، وتسيطر القسوة على القلوب ، لابد وأن تحدث كوارث ، هذا تحديدًا ما حدث مع إليزابيث في النمسا من والدها ، الذي لا يمكن أبدًا أن نصدق بأي شكل بأنه شخص طبيعي .في عام 1984م حين كانت إليزابيث حينها في التاسعة عشر من عمرها ، وكانت تعيش حياة طبيعية مع أسرتها ، طلب منها والدها أن تنزل معه إلى القبو من أجل أن تساعده في تصليح شيء ما ، وحين نزلت معه وضع والدها قطعة قماش مبللة بمادة ما أفقدتها الوعي .حين استيقظت وجدت نفسها مكبلة الأيدي والأقدام ومقيدة إلى قطعة من الحديد تشبه السرير ، في غرفة من الحديد يحيطها من الخارج الأسمنت ومغلقة بأكثر من ثمان أبواب حديدية ، لا يمكن لأحد أن يصل إليها إلا والدها .في خلال أول شهر من إقامتها في هذه الغرفة كان والدها ينزل إليها يعتدي عليها جنسيًا ، لمدة شهر كامل بشكل يومي ، وحين شعر أن كونها مكبلة يعيقه عن اغتصابها قرر أن يتركها دون قيود .حاولت اليزابيث أكثر من مرة أن تستعطفه أو تسأله لماذا يفعل هذا ، حاولت أن تبكي ، أن تستجديه ، أن تخاطب غريزة الأبوة فيه لكن دون فائدة ، حاولت إليزابيث أن تنتحر أكثر من مرة لكنها فشلت ، وكان والدها ينقذها في أخر لحظة .وكانت أسرتها تعيش حياتها بشكل طبيعي تمامًا ، تقيم حفلات الشواء في الحديقة ، وتستضيف الجيران بشكل طبيعي ، حتى أن والدها قرر أن يبني حمام للسباحة فوق الغرفة التي حبس فيها إليزابيث .وكانت الغرفة من الحديد لذا كانت ساخنة للغاية في الصيف إلى حد الساونا ، وكانت إليزابيث في بعض الأحيان تشعر بالعطش لدرجة أنها تبلل الأوراق الملقاة في الأرض من الماء المتسرب من حمام السباحة من أجل أن تشربها ، فقد كان والدها يحرمها من الطعام والشراب إلا بالقدر الذي يجعلها تستمر على قيد الحياة ، كانت الغرفة في الشتاء شديدة البرودة ، خاصة أن والدها كان يتركها دون ملابس تمامًا .أربعة وعشرون عامًا حبست فيهم إليزابيث في هذه الغرفة المظلمة الحديدية دون ذنب ، يقال أن عدد المرات التي اعتدى فيها والدها عليها يصل إلى ثلاثة الآلاف مرة ، أنجبت إليزابيث من والدها 7 أطفال ، بالطبع دون أي متابعة أو عناية طبية سواء في الحمل أو الولادة .حتى أنها وقت الولادة لم تأخذ أي نوع من المسكنات ، أو العناية بعد الولادة ، طفل واحد من أبناء إليزابيث لم يتحمل الظروف البشعة التي يعيش فيها وتوفي ، فأخذه والدها وأحرق جثته .ترك معها ثلاثة أبناء وأخذ معه إلى المنزل ثلاثة آخرون ، كان يعامل إليزابيث والثلاثة أطفال معها بطريقة بشعة ، حتى أنه كان يعتدي عليها على مرأى ومسمع منهم ، وضاعف سبل تأمين الغرفة أكثر من مرة ، وكذالك ضاعف طرق التعذيب فقد كان يطفئ الضوء الوحيد في الغرفة ليتركهم لأيام في الظلام .بل أنه وضع أجهزة تبريد خاصة في الغرفة ليزيد من المعاناة لديهم ، وقام بوضع صواعق على باب الغرفة حتى لا يفكر أحدهم في الاقتراب من الباب ، كانت والدة إليزابيث تعرف ما يحدث ، وكانت تدعي أن إليزابيث مسافرة وقد أرسلت الأطفال لتربيها مع والدها ، وكانت تجبر إليزابيث على كتابة رسائل مزيفة تسافر إلى القرى المجاورة ، وتضعها في صندوق البريد لتقنع الجيران والشرطة أن كل شيء بخير .في أحد الأيام مرضت ابنة إليزابيث الكبرى وكانت حينها في التاسعة عشر من عمرها ، أما إليزابيث فكانت في الثانية والأربعون من عمرها ، والأب في الثالثة والسبعون ، حين مرضت الفتاة قرر الأب على غير عادته أن يحملها إلى المستشفى .اشتبه الأطباء أن هناك شيء خاطئ ورفضوا أن يصرحوا بخروج الفتاة ، بل طلبوا أن يقابلوا الأم ، رفض الأب عدة مرات ولكن بعد إلحاح قرر أن يترك الأم وأولادها للخروج ولكن بعد تهديدات ، تهديدات شديدة جعلتهم يخشون التحدث عن ما حدث لهم .ولكن الشرطة والأطباء لم يصدقوا أيًا من الكلام الذي قالته إليزابيث وأطفالها ، فقرروا أن يعدوا الفتاة المريضة بألا يدعوا الأب يقرب منهم جميعًا ثانية أو يضع يده عليهم ، من هنا اعترفت الفتاة بكل شيء ، وقدم الأب للمحاكمة وحين سأله القاضي لماذا فعل هذا ؟ ، قال أنه كان يفعل هذا من أجل أن يحمي أبنته من شرور العالم .حكم على الأب و الأم بالسجن ، أما إليزابيث والأطفال فقد تم تغيير أسمائهم ، ومنحهم منزلًا في ولاية بعيدة ، ولم يتم الكشف عن هوياتهم حتى اليوم ، من أجل أن يعيشوا حياة طبيعية ، بالطبع بالتعاون مع الأطباء النفسيين نظرًا لما حدث لإليزابيث وأولادها في السنوات الأربعة والعشرون .جديرًا بالذكر أن هذه القصة تحولت إلى عمل سينمائي يحمل اسم الغرفة The Room .