ليس بالضرورة أن من يقذفك بالطوب هو شخص حاقد ، يتربص بك أو يرغب في إيذائك ، فقد تكون تلك وسيلته الوحيدة للفت نظرك أو جذب اهتمامك ، لذا انظر للأمور بروية ودون تسرع حتى تتضح أمامك الصورة كاملة .قبل حوالي عشر سنوات كان هناك شاب ناجح يمر بسيارته السوداء ، في حي انتقل إليه حديثًا وأثناء مروره كان يرقب الصغار وهم يلعبون ويتضاحكون ، فيبطأ سيارته ويتابعهم حيث يذكرونه بنفسه عندما كان صبيًا في مثل عمرهم .وبينما هو يسير ببطء فجأة ارتطم الطوب بسيارته السوداء الجديدة ، وأحدث تلفًا في الباب الجانبي ، فسحب الشاب فرامل سياراته على وجه السرعة وسار في الاتجاه المعاكس ، ناحية المكان الذي قذف منه الطوب .فوجد طفلاً يحمل بيده نصف قالب من الطوب ، فنزل على الفور وأمسك به وأخذ يعنفه قائلاً له : من أنت ولما فعلت هذا ، لقد حطمت سيارتي الحديثة بهذا الطوب الذي ألقيته ، وعقابًا لك ستصلحها وهذا سيكلفك الكثير من المال .قال الصبي وهو يبكي : رجاءً يا سيدي لا تغضب مني ، فأنا لم أكن أعرف ماذا يمكن أن أفعل ، وكلما حاولت إيقاف أحدهم لم يكن يتوقف ، لذا قذفت الطوب حتى تقف ، أنهى الطفل عبارته وانهمرت الدموع من عينه كنافورة متدفقة ، ونظر إلى الخلف حيث يقف على مسافة منه كرسي متحرك .وقال : يا سيدي إن هذا أخي سقط من على كرسيه المتحرك ، وحاولت رفعه كثيرًا ولكني لم أستطع وحدي ، فهو ثقيل على طفل في مثل عمري ، رجاءً هلا ساعدتني ، حينما سمع الشاب كلمات الصبي تأثر كثيرًا واتجه على الفور صوب أخيه الراقد على الأرض ، ورفعه مرة أخرى إلى كرسيه المتحرك ، وأخرج منديله من جيبه وأخذ يمحو جراحه حتى تحقق أنه بخير ، وظل واقفًا يرقب الصبي الصغير وهو يدفع أخيه في اتجاه المنزل .وحتى بعد مرور عشر سنوات مازال الشاب ، يتذكر تلك الحادثة وكلما مر من ذلك الطريق تذكر فتى الطوب ، الذي علمه في هذا اليوم درسًا قيمًا وهو عدم الاندفاع في الحياة بسرعة دون الالتفات للآخرين ، فهناك شخصًا دائمًا قد يحتاج لاهتمامه ، ومن المؤكد أنه سيحصل عليه إن كان يمتلك قالبًا من الطوب .