قصة مصارع في قريتي

منذ #قصص اجتماعية

إنه قادم ! .. فهو يتسلل إلى قريتنا هذه الأيام كثيرًا ، نعم  يقولون أنه مرعب جدا وذو شكل متوحش ، ومصارع يهابه الجميع ، قد قضى على بطل الكاراتيه في قريتنا ، صرعه وجعل عينيه تجحظان ، كما صبغ بشرته باللون الأصفر ، وبعد أيام شربنا القهوة المرة ، التي لطالما شربناها في قريتنا .البحث عن بلاد الذهب :
وألبسنا بطلنا الثوب الأخضر ، ووضعناه في بيوت الخاسرين ، ثم نصبنا له لافته تدل على هزيمته ، كنت سابقا فخورا جدا بجدي ذو المنكبين العريضين ، والبنيان القوي الذي لم يكن يهاب شيئًا ، كنت أنظر إليه كبطل ، يستطيع هزم المصارع ، ولكن جدي خيّب نظرتي به ، وتبدلت صورته أمامي ، قد كان دائما يهابه وأذكر أنه اشترى ثياب المصارعة .لأنه كان يتوقع لقاءه قريبًا ، وكلما كان زفيف الرياح يداعب الباب كان جدي يستيقظ للمواجهة ، وقبل النوم يخشى أن يظهر له ، ولكنه لم يكن يواجهه ولم يحصل أن واجهه فقد سافر جدي في ظلام حالك ، والرياح تئن والثلج يهطل بغزارة محاصرا بيتنا ، ولم يعد ، سافر بعيدا انتظرته طويلًا ، ولم يعد حتى توقعت أنه غادر باحثًا عن بلاد الذهب .التنقيب عن أسرار المصارع :
كنا في القرية نتحدث عن أسرار المصارع ونتشوق لرواية أسراره وأذكر أن الخال أبو عمر الذي كان يناهز التسعين من عمره ، كان ينصحني بأن لا أنقب وراء أسرار المصارع ، فعندما تحين لحظة انكشاف سره نكون عند باب الحلبة وبدفعة صغيرة ، نغوص فيها وعندها لا ينفع الندم ، كمتسلق لجبل عالٍ ، وصل إلى القمة فأنهكه الضنى ولم يعد بوسعه النزول ، ثم لم أعد أر الخال أبو عمر ، يحكي أنه سافر إلى البلاد ، التي سافر إليها جدّى في سكون الليل ، فرّ تحت أجنح الظلام .ليلة شتاء باردة :
وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة كنت جالسا في غرفتي وقبل أن يأخذ النعاس مني أوصدت الأقفال وأغلقت النوافذ ، بدا لي ضوء في الخارج ، فهل يكون المصارع يا ترى ، سرى الرعب في داخلي ، وضعت رأسي تحت اللحاف ربما لا أرى وجهه وتكون هزيمتي على يده أقل وطأة في نفسي .حسناء القرية :
وأخيرا جاء الصباح مع صياح الديك ، وخرجت أتكسع في القرية قليلًا ، كانت هناك أقاويل تردد بأن المصارع ، بدأ بزيارة حسناء قريتنا وأنه يمشي بالقرب من بيتها كل يوم ، ويجهزها لدخول الحلبة ، ذهبت لزيارتها وأصبحت أدربها قبل المباراة ، كما نصحها المدربون بتعاطي الفيتامينات ، بدأت تقوى على المشي قليلا وأكملت معها إشعال بعض الشموع .قرار ودموع وهروب :
كنت أقف على رأسها انتظر معها قدوم المصارع ، فاثنان في المواجهة أفضل من مواجهة وحيدة ، ولكن المصارع كان يزورها ، عند غيابي ولا يرضى إلا بحلبة غور عميق ، ولا يحتكم إلا لعزلة دجالة حتى أن دموعها لم ترده عن قراره ، وبدأت معنوياتها بالانهيار يومًا بعد يوم ، خاصة بعد أن فقدت شعرها في جولة خبيثة ، فهربت من الحلبة ، وقفزت من على نجد لتسبح في الوادي .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك