باتت المجتمعات تئن ألمًا مما يغزوها كل يوم وليلة من حالات الانتحار ، التي تزداد معدلاتها بمرور الأيام والأزمنة ، حتى أصبح الأمر في غاية الخطورة وخاصة حينما ازدادت هذه الحالات داخل المجتمعات العربية ، حيث انتحار الشباب والكبار والأطفال ، أصبحت حالة مجتمعية تدعو إلى الألم والحزن لما ألمّ بمجتمعاتنا العربية التي من المفترض أنها تتمتع بالتدين والأخلاق الحميدة .فتاة تهرب من بيتها :
ما هو الذي قد يدعو فتاة عشرينية في مقتبل حياتها أن تهرب من منزلها؟! ، حقًا إنها فتاة من المملكة أقدمت على الهروب من حياتها في منزل والدها الذي تعيش معه دون أمها ، التي فيما يبدو أنها اختارت هي الأخرى الهروب المعلن عن زوجها ، لتجد الفتاة المسكينة نفسها وحيدة مع أبيها الذي لم يُحسن معاملتها، حيث كان يقوم باستمرار بتعنيفها .أصبحت الحياة قاسية على هذه الفتاة ، التي كانت تشعر بالحزن الشديد من معاملة والدها السيئة ، فضاق صدرها بهذه الحياة التي تحولت إلى موت بطيء على يد الوالد ، فكرت الفتاة في حل مناسب لهذه الحياة ، حتى اهتدت إلى فكرة الهروب من جحيم الوالد ، لتبحث في مكان آخر عن الحنان الذي تفتقده في حياتها .الهروب :
تمكنت الفتاة من الخروج من بيت والدها ، وهي تنوي الذهاب إلى المدينة الأخرى التي تعيش بها والدتها ، لعلها تجد هناك ما افتقدته مع والدها ، وبينما كانت الفتاة في طريق سفرها ، كان الأب قد علم بغياب ابنته عن المنزل ، وهو الأمر الذي دعاه إلى الإبلاغ عن فقدان ابنته حتى انتشر الخبر في وقت قصير .علمت الابنة بعد وصولها عند أمها أن الأب قد أبلغ عن غيابها ، أصبحت مخاوفها تزداد ، فماذا سيفعل بها هذا الأب بعد أن يعرف مكانها؟ ، أصبحت الأفكار السيئة هي التي تسيطر على رأس الفتاة المعذبة ، وهو ما جعلها تفكر في حيلة أخرى لتتخلص بها من ذلك الموقف القاسي ، بل فكرت في حيلة تجعلها تتخلص من حياتها كلها .مول جدة :
دخلت الفتاة أحد المولات التجارية في جدة بعد أن غيرّت وجهتها التي كانت بصددها مجبرة حيث رحلت عن منزل الأم ، وهناك دخلت الفتاة دورة المياه ، ثم قامت بقطع شريان يدها بعد أن أحضرت آلة حادة نفذّت بها مهمتها ، والتي اعتقدت أنها بذلك ستنتهي إلى الأبد بعد أن تنتحر ، حيث أنها كانت تظن أنها تقتل تلك الحالة البائسة التي تعيشها ، ولكنها لم تعلم ما هو الذي ينتظرها .إنقاذ الفتاة :
شاء المولى عز وجل ألا تموت تلك الفتاة بهذه الطريقة ، حيث أن الله قد كتب لها النجاة على أيدي بعض نساء المول ، حيث دخلت بعض النساء إلى دورة المياه ، وكان هناك باب مغلق يُنذر بوجود فتاة داخل الحمام ، ولكن ما ظهر على الأرض من أسفل باب هذا الحمام أنذرّ بشيء آخر مخيف ومفزع .لاحظت نساء المول خيط من الدماء التي تسربت من حمام الفتاة المغلق ، حيث مضت الدماء في أرجاء المكان لتعلن وجود فتاة تموت بالداخل ، وبالفعل قامت النساء بمحاولة فتح الباب وإبلاغ الجهات المعنية في المول ، حتى فُتح الباب ليكشف عن فتاة شابة غارقة في نزيف دماء تسيل من إحدى معصميها ، وهو ما جعل النساء يقمن بحملها إلى الخارج ، وعلى الفور تم نقلها إلى المستشفى .وفي المستشفى قام الأطباء بمعالجتها على الفور ، حتى تم التحكم في النزيف الذي جاء نتيجة وجود ثلاثة جروح قطعية في معصمها ، حيث أن أحدهم هو الذي تسبب في النزيف ، وقد استقرت حالة الفتاة بعد دخولها المستشفى ، لتستفيق على حياة جديدة لا تعلم ما ستحمله لها ، حيث لازالت صورة تعنيف الأب تسكن الوجدان ، وربما تتسبب هذه الصورة في حدوث الكثير من حالات الانتحار الأخرى ، لتتكرر المأساة بطريقة مختلفة وربما بنهاية أكثر مأساوية وألم .