ذهب عامل فقير إلى الصيدلية وقال للصيدلي هل لديك مرهم للأسمنت وضحك الصيدلي على الرجل فقال نعم لدينا ولدينا مرهم للحجر والحديد هل تريد نوعية ممتازة مستوردة أو نوعية محلية مصنوعة في البلاد فقال له الرجل وهو مسرور كأنه حصل على كنز أعطني النوعية الممتازة المستوردة فرد عليه الرجل وقال له بسخرية إنها غالية جدًا ، ثم علا صوت الصيدلي بالضحك فرفع الرجل يديه أمام الصيدلي وقال له إني عامل أعمل في المعمار وعلق الأسمنت في يدي كما ترى ولا أستطيع أن ألمس وجه ابنتي الصغيرة حتى ألعب معها .حيث أنني أخشى عليها من تأثير الأسمنت المتواجد في يدي فأنها لا تنام حتى أحضنها وأقبلها ولمسي لها يعطيها السعادة ويحفزها على النجاح والمذاكرة فهي كانت في ضيق شديد بسبب زميلاتها الأغنياء وقدرتهم على ارتداء أغلى الملابس ولكن بعد عودتي من العمل والجلوس معها كانت تنسى كل شيء وتعود لها ابتسامتها الجميلة ، فأرجوك لو كانت النوعية الممتازة التي تقول عليها تزيل هذا الأسمنت من يدي أعطي إليها بأي ثمن .في تلك اللحظة تجمد الصيدلي وتجمدت الضحكات الساخرة له ورأي الصيدلي نفسه صغيرًا وتذكر أيضًا كيف كان يتعامل مع أبنائه بغلظة وقسوة ولم يحتضن أطفاله منذ زمن بعيد ولم يعد يدللهم ولم يحنو عليهم أبدًا ، وابتسم للعامل وأعطاه مرهم يزيل ما في يديه من تشققات ولم يأخذ منه ثمن المرهم ثم قال الصيدلي للعامل لقد علمتني درسًا غيرني وجعلني أشتاق لمداعبة أولادي وجعلتني أعرف أن الفقر هو فقر القلوب وليس فقر المال .