يقول المولى
عز وجل في كتابه العزيز في سورة الشورى ” لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ
لِمَن يَشَاءُ الذُّكُور ” صدق الله العظيم ، فمسألة الإنجاب في يد الله وحده
، وليس بمقدور أي إنسان حتى لو اجتمعت الإنس والجن معه أن ينجب طفلًا إلا بأمر من
المولى عز وجل ، وبرغم كل التقدم الطبي الهائل الذي حدث مؤخرًا في مجال علاج العقم
، ولكن هناك حالات لا يفلح الطب في علاجها لأن الله سبحانه وتعالى لم يكتب لهم
الإنجاب ، وهناك حالات أخرى يكون أصحابها قد استنفذوا كل الوسائل العلاجية الممكنة
ولم يرزقوا بأي أطفال ، ولكن الله عز وجل يفاجئهم بعظيم كرمه فسبحان الخالق جل
وعلى .قصة منى مع تأخر الإنجاب :كانت منى طفلة وحيدة لوالديها ، وقد أنجبتها والدتها بعد عشر سنوات من الزواج قضتها دون أن ترزق بأي أطفال ، وقد كانت ذهبت والدتها لعدد كبير من الأطباء وقد أخبروها أنه لا يوجد أي سبب طبي يؤثر على قدرتها الإنجابية ، لذلك امتنعت عن الذهاب للأطباء ولكنها لم تمتنع عن الدعاء ، والتضرع إلى الله ، وفي أحد الأيام كانت تقضي مجموعة من الوقت مع أصدقائها فقامت إحداهن بمعايرتها بأنها لا تستطيع الإنجاب ، في هذا اليوم غادرت أم منى المجموعة وهي لا تستطيع أن تتمالك نفسها وانخرطت في بكاء شديد ، وأثناء سيرها شعرت أن أبواب السماء مفتوحة فدعت الله أن يرزقها طفل تقر به عينها وعين وزوجها ، وكانت إرادة الله أن استجاب لها ورزقها بمنى بدون أن تذهب إلى الأطباء مرة أخرى ، ولكنها لم تنجب بعد ذلك أي أطفال .ونشأت
منى في كنف والديها اللذان وفر لها كل سبل الحياة الهانئة السعيدة فوالديها كانوا
ميسوري الحال ، حتى كبرت وصارت شابة جميلة وتقدم لها الخطاب ، ولكن كانت والدتها
تشعر بالقلق دائًمًا من أن تعاني ابنتها من نفس مشكلتها مع الإنجاب .تمت خطبة
منى لشاب مناسب وتزوجا وقد أقام لها عرسًا كبيرًا مشهودًا ، وسافرًا معًا للخارج
لقضا شهر العسل وقضوا أيام سعيدة جدًا ، ثم بدأت المشكلة بمجرد عودتهما لمنزلهما ،
حيث بدأت والدة زوجها التي كانت تقيم معهم في نفس المنزل في التساؤل عما إذا كانت
منى حامل أم لا ؟ .ولما
تأخر الإنجاب عدة أشهر ألحت عليهم أن يذهبوا للطبيب لأنها تشك أن منى عاقرًا مثل
والدتها التي أنجبت بصعوبة ، وبالفعل ذهبت منى للطبيب لتطمئن ، وقد أخبرها الطبيب
أنها تعاني من تكيسات في المبايض وبمجرد إزالتها يمكن أن تنجب ، وبالفعل قام
الطبيب بإزالتها ولكن لم يحدث الحمل .فازداد
إلحاح حماتها عليها وعلى زوجها وبدأت معاملتها مع منى تسوء بدون أي سبب ، مما دفعها
للذهاب إلى أكثر من طبيب والسفر إلى أماكن بعيدة لزيارة أطباء مشهود لهم بالكفاءة
، وفي كل مرة يعطيها الطبيب أدوية ويطلب منها الانتظار ، ولكن حماتها كانت تنتهز
أي فرصة لمعايرتها بأنها عاقر مثل والدتها ، ومما زاد الأمر أن أخو زوجها الصغير
تزوج وأنجب ، فكانت كلما تحاول منى حمل ابن حموها تسارع حماتها لأخذه منها لأنها
تخشي أن تحسد الطفل .ازدادت
الحالة النفسية لمنى سوء ، ولكن ما هون عليها الأمر هو أن زوجها كان راضِ بقضاء
الله وكان يحب سارة ولا يريد أن يتخلى عنها أبدًا بالرغم من ن والدته كانت تضغط
عليه باستمرار وتطلب منه أن يتزوج من سيدة أخرى ولكنه كان يرفض .بعد مرور
أربعة سنوات على زواج منى قررت أن تخضع لعملية حقن مجهري ، وبالفعل مرت بكل آلام
تلك العملية لأنها كانت ترغب في إسعاد زوجها بطفل ، وقال الأطباء أن أمامهم ثلاثة
محاولات لتخصيب البويضات وزرعها في الرحم ، وطوال كل تلك الفترة لم تتوقف منى أو
والدتها عن الدعاء لله أن يرزقها بطفل ، وللأسف فشلت أول محاولة للإخصاب المجهري
وفشلت الثانية أيضًا وتدهورت الحالة الصحية لمنى كثيرًا بسبب إجهاد هذه العمليات
وبسبب أيضًا حالتها النفسية السيئة .وقد طلب
الأطباء من سارة أن تقوم بمحاولة الإخصاب المجهري للمرة الثالثة ، لكنها كانت
مرهقة ومتعبة كثيرًا من العمليات والأدوية فقررت أن تنتظر وأنها لن تحاول إلا بعد
أن تتحسن حالتها النفسية والبدنية ، وكان قدمر ست سنوات على زواجها ، وطوال الوقت
كانت والدتها تدعو لها بأن يرزقها الله بالابن الصالح ليقر عينها وعين زوجها .وفي أحد
الأيام شعرت منى بتعب شديد ، فطلبت من زوجها أن تذهب لتقضي بعض الأيام في منزل
والدتها لأنها متعبة تمامًا ولا تتحمل أن تسمع كلمات حماتها القاسية التي توجهها
إليها في كل مرة تراها فيه ، وبالفعل ذهبت عند والدتها وفي البداية اعتقدت أن
تعبها سببه هو حالتها النفسية ، ولكن والدتها أصرت على أن تأخذها للطبيب لعمل
فحوصات شاملة للاطمئنان عليها .وكان أول
طلب يطلبه منها الطبيب أن تقوم بعمل اختبار حمل ، ولكنها ضحكت من طلب الطبيب فهي
بالتأكيد ليست حامل ، واصطحبت الممرضة منى إلى غرفة مجاورة وأعطتها الاختبار
وتركتها ، كانت سارة على وشك أن ترميه في القمامة ولكن والدتها قالت لها ما الضرر
من عمله ، وكانت المفاجأة أن الاختبار إيجابي مما يعني أنها حامل ، ولكنها في
البداية لم تصدق ، فطلبت من الممرضة أن تحضر لها اختبار أخر ، وكان إيجابي أيضًا .بكت سارة
ووالدتها كثيرًا وشكرت الطبيب الذي لم يكن يعرف في البداية حالتها ، وعندما اتصلت
بزوجها لم يصدق ما سمع واتصل بوالدته على الفور ليبشرها ، ولكنها للأسف أخبرته
أنها لا تصدق وأن زوجته ووالدتها بالتأكيد قاما بالادعاء بأنها حامل حتى لا تجعله
يتزوج عليها .
ذهبت منى مع زوجها إلى
طبيب النساء وطلبت من حماتها أن تأتي معها للتأكد وبالفعل أخبرها أنها حامل ويجب
أن تستريح لمدة طويلة ، فطلب منها أن تظل في منزل والدتها حتى ترعاها ، وبالفعل
بعد عدة أشهر رزقت منى بولد جميل وقرر زوجها أن يسميه محمود مثل والده ، أما منى
ووالدتها فقد صليا شكرًا لله الذي استجاب لدعواتهما من دون حول لهما ولا قوة .