قصة حذاء صيفي

منذ #قصص عالمية

أغفت أربع أو خمس عجائز في عربة يجرها حصان ، وهن يثرثرن عن كيف أن هذا الشتاء كان جيدا بالنسبة لثمار البرتقال ، سار الحصان خببا ، ملوحا بذيله ، كأنه يحاول مسايرة النوارس .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع القصص الياباني ، للأديب الياباني الحاصل على جائزة نوبل عام 1968م ياسوناري كاواباتا ، ولد في أوساكا – اليابان في 14 يونيو عام 1899م ، كانت بداية كتاباته أثناء دراسته الجامعية في جامعة طوكيو الإمبراطورية ، ففيها نشر قصته القصيرة الأولى مشهد من جلسة أرواح ، من أهم كتاباته : بلد الثلج ، طيور الكركي الألف ، توفي كواباتا في 16 ابريل عام 1972م .السائق كانزو والعربة :
كان السائق كانزو يحب حصانه ، وهو الشخص الوحيد على هذا الطريق ، الذي امتلك عربة تقل ثمانية ركاب ، كما كان كذلك شديد الحرص على جعل عربته ، الأكثر نظافة وترتيبا بين كل العربات التي تمضي على الطريق .وعندما كان يقترب من أحد التلال كان يسرع على الدوام بالنزول من مقعد السائق ، حرصا على الحصان ، وفي قرارة نفسه كان فخورًا بالطريقة الرشيقة ، التي يمكنه بها القفز من العربه ، والوثوب إليها ، وحتى خلال جلوسه في مقعد السائق ، كان بوسعه أن يحدد متى يتعلق الأطفال بمؤخرة العربة ، من خلال الطريقة التي تتأرجح بها ، فيثب إلى الأرض سريعًا ، ويلطم الأطفال على رؤوسهم بأشاجعه .العربة والأطفال :
وهكذا قد اجتذبت هذه العربة أقصى انتباه في صفوف الأطفال ، على امتداد الطريق ، ولكنها كانت كذلك العربة الأكثر إفزاعا ، ولكنه عجز الآن عن الإمساك بالأطفال ، على الرغم من الجهد الكبير الذي بذله ، فهو لم يستطع وضع يده على المعتديين الآثمين ، الذين تدلوا كالقردة على مؤخرة العربة ، وعادة كان يثب خلسة ، كالقط ويدع العربة تمضي مارة به ، ويلطم الأطفال على رؤوسهم بأصابعه ، ثم يقول متباهيًا : أيها البلهاء !الفتاة وكانزو :
وثب نازلا من العربة مجددا ليتبين جلية الأمر ، وكانت تلك هي المرة الثالثة ، وكان هناك فتاة في الثانية أو الثالثة عشرة تسرع مبتعدة ، وقد توردت وجنتاها ، وتألقت عيناها ، فيما كتفاها تصعدان وتهبطان مع كل نفس تلتقطه ، كانت ترتدي فستانا أحمر ورديًا ، وقد تدلى جورباها ، حول كاحلها ، ولم تكن تنتعل حذاء ، حملق فيها (كانزو) مغضبًا ، فتطلعت بعيدًا ، باتجاه البحر ، ثم أقبلت مسرعة في أعقاب العربة .الفتاة  والعربة المسرعة :
طقطق كانزو بلسانه ، وعاد إلى مقعد السائق ، لم يكن معتادا على جمال نبيل كجمال هذه الفتاة ، حسب أنها ربما جاءت للمكوث في إحدى الدور الصيفية ، الممتدة على الشاطئ ، فخفف من غلوائه ، ولكنه شعر بضيق بالغ لعدم تمكنه من الإمساك بها ، على الرغم من ترجله من العربة ثلاث مرات ، لقد ركبت الفتاة العربة على امتداد ميل كامل ، متدلية من مؤخرتها ، فاستبد الضيق بكانزو ، بل أنه لطم حصانه بالسوط ليجعله يسرع .دخلت العربة قرية صغيرة ، فنفخ كانزو في بوق ، وانطلق الحصان يعدو بسرعة أكبر ، تطلع كانزو إلى الوراء ، فرأى الفتاة تركض ، وقد انسدل شعرها على كتفيها ، وتدلى أحد جوربيها من يدها .صمت الفتاة  :
بدا ، لحظة كأنها وصلت إلى العربة ، وفيما كانزو يتطلع من خلال الزجاج الواقع خلف السائق ، تلقى الانطباع بأن الفتاة جاثمة في مؤخرة العربة ، ولكنه عندما وثب هابطًا للمرة الرابعة ، ألفى الفتاة تمضي على مبعدة وراء العربة ، أنت إلى أين تمضين ؟ أطرقت الفتاة ولزمت الصمت . هل تعتزمين ملازمة العربة حتى المرفأ ؟ ظلت الفتاة على صمتها ، هل أنت ذاهبة إلى المرفأ ؟ أومأت الفتاة موافقة .قدمان داميتان :
قدماك ، انظري إلى قدماك ، ألا تدميان ؟ إنك عنيدة أليس كذلك ؟ قطب كانزو كما هي عادته ، وقال : سأقلك معي ، هلمي إلى داخل العربة ، يغدو الثقل كبيرًا ، بالنسبة للحصان ، إذا تعلقت بمؤخرة العربة ، وركبت هناك ، لذا هلمي إلى داخلها ، رجاء ! هيا ، لست أرغب في أن يحسبني الناس غبيا .الفتاة تتبع العربة :
فتح باب العربة لها ، في وقت لاحق ، عندما تطلع إلى الوراء من مقعد السائق ، رأى الفتاة ، وقد جلست ساكنة ، من دون أن تحاول حتى إزالة طرف فستانها الذي علق بالباب ، وكان تصميمها السابق ، قد تبدد وأطرقت برأسها ، في هدوء وخجل ، بلغ المرفأ الذي كان يقع على بعد ميل ، وفي طريق العودة ، ظهرت الفتاة نفسها ، فجأة وكأنما المجهول ، ومضت تتبع العربة .حذاء صيفي :
وفي إذعان ، فتح لها كانزو الباب ، أيها السيد لست أحب الركوب داخل العربة ، لا أريد الركوب بداخلها ! انظري إلى الدم على قدميك ، جورابك غارق في الدم ، بعد خمسة أميال على الطريق ، اقتربت العربة مسرعة ، من القرية الأصلية ، التي انطلقت منها ، أيها السيد .. أنزلني هنا .بينما كان يتطلع على جانب الطريق ، لمح حذاء أبيض متألقا على العشب الجاف ، هل تنتعلين حذاء  أبيض في الشتاء كذلك ، ولكنني جئت هنا في الصيف ، انتعلت الفتاة الحذاء ، من دون أن تتطلع إلى الوراء ، وانطلقت شأن بلشون أبيض صاعدة على التل الصغير ، إلى المدرسة الإصلاحية .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك