قصة الشاعر آرثر رامبو

منذ #قصص نجاح

وُلد آرثر رامبو في 20 أكتوبر عام 1854م ، بأحد الأحياء الريفية في فرنسا ، بمنطقة تُدعى شارلفيل ، للأم كاثوليكية وأب عسكري ، وعدد من الأعمام من مدمني الخمور .كان آرثر مولع جدًا بالشعر منذ سن مبكرة ، وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره ، غادر قريته شارليفل إلى العاصمة باريس ، حيث تلقى دعوة من الشاعر الفرنسي بول فيرلين ، لكي يمضي الوقت بصحبته من أجل تعلم قواعد الكتابة الشعرية ، حيث ظهرت موهبته مبكرًا ، وكان آرثر آنذاك يميل في كتاباته إلى التعبير عما يجول بخاطره ، حيث بحث كثيرًا عن حرية ملأت كيانه وأفكاره ، وحررت تفكيره .كانت تلك الحرية التي حلم بها متجسدة فيما يكتبه من شعر ، فكانت قصائده تلمع بروحه التي تخترق الحواس والقيم والكيان كله دون قيود ، فجاءت قصيدته الفوضوية ذات الألفاظ البذيئة والصادمة ، بمثابة نبوءة لشكل جديد من الشعر ، مما جعلها خطًا فاصلاً في تاريخ الشعر ساعدت على انتقال الشعر الفرنسي من الحداثة إلى العالمية .كان آرثر يعيش في حالة سُكر أغلب الأوقات ، ولعل أكثر المواقف التي تشهد بذلك ، هو قيام آرثر بانتقاد قصيدة لشاعر كبير في أحد صالونات الأدب في باريس ، ثم قيامه بالتبول فوقها قبل أن يغادر المكان !كانت أفكار آرثر بشأن الحرية والانطلاق بلا قيود ، سببًا في قيامة بالكثير من العبث الشعري ، فقد كان يأخذ كلمة من نهاية قصائد لأكثر من شاعر ، ويكون من خلالها قصيدة جديدة! أو ينثر أوراقًا تحوي شعر لعدد من الشعراء ، ثم يقوم بربط الكلمات من آخر سطور في الأوراق ، ويكوّن من خلالها قصيدة ، ومثّل هذا الأمر عبثًا قويًا من جانب آرثر وفيقه فيرلين في صالونات باريس الأدبية ، والتي بقيت في الذاكرة الجمعية لمن حضروا تلك الجلسات وتناقلت عبر الأجيال ، حتى يومنا هذا .تحولات في حياته :
ولكن الحياة العبثية بهذا الشكل لم تدم طويلاً ، فقد اتهم البعض رامبو وفيرلين بوجود علاقة آثمة ومشبوهة بينهما ، فيما ضاق فيرلين ذرعًا بتصرفات رامبو وحياته التي كانت تعوّل على فيرلين طوال الوقت ، وتأزمت العلاقة كثيرًا بينهما ، لتنتهي بإطلاق فيرلين رصاصتين من مسدسه على رامبو ، ليصاب في كتفه وتنتهي العلاقة التي جمعتهما ، وكذلك علاقة آرثر بالشعر والقصائد أيضًا .تنقل آرثر من مكان لآخر ، حيث ذهب إلى نيويورك بحثًا عن العمل والحصول على المال اللازم حتى يعيش ، ثم انتقل بعد ذلك نحو المشرق ، متجهًا إلى دولة عدن حيث صار آرثر تاجرًا للعبيد الأفارقة بها ، مما مكّنه من جمع مبلغ مالي وفير ، ومنذ أن انتقل آرثر إلى المشرق وقد تخلى تمامًا عن الكتابة ، ولم يكتب قصيدة واحدة بعد ذلك وألقى بالشعر خلفه ، ليرتحل من بلدة إلى أخرى عاملاً بالتجارة التي توفر له المال اللازم من أجل الترحال .وهكذا تشتت حياة آرثر من وقت لآخر ، حيث انتقل من كتابة الشعر والخوض في عوالم لم يتطرق لها الشعراء من قبل ، والبحث عن الحرية ، إلى العمل تاجرًا والترحال والمغامرة ، وقد يكون آرثر قد ابتعد حقًا عن كتابة الشعر ، إلا أنه ظل متمسكًا بحياة حرة بلا قيود ، تجسدت في أسفاره المتعددة والمغامرات التي خاضها .وفاته :
انتقل آرثر إلى هراري في إثيوبيا ، وتحول بها من تجارة العبيد الأفارقة كما كان يفعل في المشرق إلى تجارة القهوة والسلاح ، حيث وضع نفسه في خدمة ملك إثيوبيا آنذاك ، حيث كان يعمل الأخير على صد هجمات الإيطاليين على بلاده.وفي هذا الوقت عقد آرثر صفقة مع ملك هراري ، من أجل توسعة تجارته ليصبح بذلك ثالث أوربي ، يقيم في إثيوبيا ويعمل بالتجارة داخلها .وفي عام 1891م كان آرثر في دولة عدن بالمشرق ، وهناك أصيب بالتهاب في ركبته ، وذهب لعلاجه ولكنه لم يستجيب للعلاج ، وهناك شخّص الطبيب مرضه بأنه سرطان بالعظام وطلب منه أن يبتر ساقه فورًا .فظل آرثر بعدن قليلاً حيث عمل على تسوية أوضاعه المالية ثم انطلق نحو فرنسا ليجرى عملية لبتر ساقه ، وبترها بالفعل إلا أنه ظل يعاني آلامًا مبرحة طوال شهر كامل ، حتى توفى في 10 نوفمبر من نفس العام في مارسيليا .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك