إن العظماء في مختلف أنحاء العالم قد أكدوا على نجاحهم في كل المجالات ؛ لذلك اتسعت شهرتهم وخلّد التاريخ سيرهم وحياتهم حتى يعرفهم كل العالم في كل العصور ، وفي الأدب الأمريكي كان هناك الكثيرون ممن أثبتوا ذاتهم ، وقدمّوا فكرهم بامتياز ؛ مما مكنّهم من النجاح والشهرة .كان مارك توين Mark Twain من بين هؤلاء الأدباء الذين حققوا نجاحًا مبهرًا في عصره ، واسمه الحقيقي صمويل كليمنس ؛ ولكنه عُرف أدبيًا باسم مارك توين ، كان رائداً في الأدب الساخر ؛ لذلك تم وصفه بعد وفاته كأعظم ساخر أمريكي ، كما لُقب بأبي الأدب الأمريكي .وُلد مارك توين في قرية فلوريدا عام 1835م ، وكان والده يعمل تاجرًا ، ورُتب مارك السادس من بين سبعة أخوة وقد مات منهم ثلاثة في سن مبكر، وانتقل إلى مدينة هانيبال وهو ابن الرابعة ؛ وقد أوحت له تلك المدينة التي تقع على نهر مسيسيبي بالكتابة عن مدينة خيالية أطلق عليها اسم سانت بطرسبورغ والتي وُجدت في روايتيه مغامرات هكلبيري فين، ومغامرات توم سوير .توفي والد مارك بمرض الالتهاب الرئوي عام 1847م ؛ مما اضطر مارك للعمل بعد وفاته بعام كصبي يخدم في مطبعة ؛ ثم بدأ في كتابة اسكتشاته الساخرة عام 1810م ، وقام بتقديمها للنشر في جريدة هانيبال التي كانت ملكًا لأخيه أوريون آنذاك ؛ ثم رحل عن مدينة هانيبال إلى نيويورك وهو في سن الثامنة عشر ، وقام بالعمل في الطباعة بنيويورك وسانت لويس وغيرهما ؛ وفيما بعد بدأ الانضمام إلى الاتحاد والعمل على تعليم نفسه بمجهوده الذاتي في المكتبات العامة أثناء المساء .استغرق مارك عامين في دراسة العمل كقائد سفينة بخارية ؛ ثم حصل على الترخيص الرسمي بالعمل عام 1859م ؛ وقد أقنع مارك توين شقيقه الأصغر هون بأن يعمل معه في البحر أثناء فترة تدريبه ؛ ولسوء الحظ لقى أخاه مصرعه في حادث انفجار إحدى السفن عام 1858م ؛ مما جعل مارك يعيش بعُقدة الذنب طوال حياته .نشر مارك قصته الطويلة الضفدعة النطاطة في جريدة نيويورك ساترداي برس عام 1865م ؛ فكانت بمثابة أولى خطوات النجاح الأدبي له ؛ ثم عمل كمراسلًا في إحدى الجرائد بجزر ساندويتش ، ولقيت قصصه التي كتبها نجاحًا عظيمًا ؛ كما كتب مجموعة من رسائل السفر أثناء رحلته إلى البحر المتوسط والتي حظيت أيضا بشعبية كبيرة ؛ والتي قام بتجميعها في كتاب واحد أطلق عليه اسم “الأبرياء في الخارج”.تزوج مارك من أوليفيا وكانت فتاة من أسرة ثرية ومتحركة ؛ وأنجبت ولدًا ولكنه توفي بعد عام ونصف من ميلاده ؛ مما جعل مارك ينتقل إلى مدينة هارتفورد التي أنشأ بها منزلاً أصبح بعد وفاته متحف خاص به حتى الوقت الحالي ؛ وقد أنجبت زوجته ثلاث بنات في هارتفورد .حصل مارك على درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة أكسفورد عام 1057م ، ومن أشهر أعماله “الأميرة والفقير” ، “صعلوك في الخارج” ، و “الحياة على المسيسيبي” ؛ وقد توفي مارك عام 1910م بعد إصابته بأزمة قلبية ، ولكنه خلدّ اسمه في تاريخ الأدب التاريخي على مر الزمان.