عُرف شيخنا الجليل وإمامنا العلاّمة ، الإمام عبدالله الخليفي بإمام الحرم المكي ، والذي وُلد في مدينة البكيرية بمنطقة القصيم ، حيث نشأ شيخنا وتربى على أيدي العديد من العلماء والفقهاء ، فكانت تربيته دينية خالصة .وظهرت عليه علامات تلك التربية عليه منذ الصغر ، فقد أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً ، وهو في عمر الخامسة والعشرون ، وتلقّى على والده الذي كان يعمل إمامًا ، المزيد من الدراسة لمبادئ التوحيد والعديد من المسائل الفقهية الدقيقة .ولا يفوتنا ، أن نذكر بأن شيخنا الجليل الخليفي قد ترعرع على أيدي ، علماء المملكة الأجلاء ، ومنهم ؛ الشيخ محمد بن مقبل ، والشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ ، وسماحة الشيخ سعد وقاص البخاري ؛ والمعروف بعلمه الشديد وقدرته الفائقة في التجويد .وكان الشيخ الخليفي ، يتصف بحسن الخُلق ، والتواضع ، والإحسان ، وكان رحمه الله شديد البكاء والتأثر ، ولكم شهدت له جنبات مسجد الحرم المكي ، بالبكاء الشديد وهو يؤم المصلين ، لذا اشتهر الشيخ الجليل بالإمام البكّاء .مواقف من حياة الشيخ الخليفي :
لاشك أن الشيخ الخليفي كان تطغى سماته الطيبة ، وخُلقه الحسن على أفعاله ؛ فيذكر خادمه الباكستاني أنه لم ير من الشيخ سوى المعاملة الكريمة ، والأصل الطيب ، حتى أنه ظل إلى جانب الشيخ طوال مدة ثمانية عشر عامًا ، رافقه خلالها إلى الصلاة في أوقاتها.الشيخ والتعليم :
كما يذكر العديد من تلاميذ الإمام ، أنه كان رجلاً تربويًا فذًا من الطراز الأول ، حيث أفنى عمره في تدريس علوم الفقه ، والعلوم الشرعية ، فكانت بدايته في هذا مجال التعليم ، مدرسًا في ثانوية العزيزة ، وتلاها ترقيته إلى درجة مدير ، لمدرسة العزيزة الابتدائية ، وأعقب ذلك بعدة سنوات تعيينه مديرًا لمدرسة حراء الابتدائية ، ومن مزايا تلك المدرسة أنه كان أول مديرًا لها ، حيث أنشئت عند توليه إداراتها ، فكانت شاهدًا طيبًا على حسن معاملته ودماثة خلقه ، وريادته .ويتذكر معلمين تلك المدارس ، أن الشيخ الجليل رحمه الله ، كان حنونًا للغاية ويتعامل مع الأطفال برفق شديد ، حتى أنه كان يجلب لهم الحلوى ، والبسكويت ، ويعاملهم جميعًا بالمدرسة مثل أبنائه .لم تتوقف ذكرى ومواقف شيخنا الجليل عند هذا الحد فقط ، بل امتدت ليذكر له من عرفوه ، قيامة بحصر أعداد الفقراء والمحتاجين ، كل عام مرتين ؛ من أجل مساعدتهم وتقديم الإعانات المادية والمعنوية المطلوبة ، فكان خير قدوة لطلابه والمعلمين .ومن أرقى ما اتصف به الشيخ ، عن لسان من عاصروه ، أنه كان مثالاً حيًا لمفهوم الدين المعاملة ، فلم يذكر أحدهم قط أن الشيخ رحمه الله قد تعامل معه بغير الحسنى ، وأشهدوا الله جميعًا على رقيّ خُلقه .الشيخ الخليفي والإمامة :
بدأ شيخنا الخليفي رحمه الله ، الإمامة من مسجد التحتي في البكيرية حيث وُلد ، وأعقب ذلك إمامته للتراويح وصلاة القيام ، مما ساعد على ذيوع صيته في المدينة ، وهمس أحد المقربون من الأمير فيصل بن عبد العزيز بذلك ، فأمر الأمير باستعداء الشيخ من أجل إمامته بالصلاة في مدينة الطائف ، وبالفعل استجاب الشيخ الجليل لتلك الدعوة الكريمة ، وظل إمامًا لديه على مدار عامين .بعد ذلك ، سمعه مفتي المملكة ، وكان مفتيًا آنذاك الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ ، فأعجبه صوت الشيخ الخليفي ، فاستدعاه من أجل العمل مساعدًا للشيخ عبد الظاهر أبو السمح ، وذلك في المسجد الحرام ، فاستجاب مرة أخرى الشيخ الخليفي للدعوة الكريمة ، وعمل مساعدًا للشيخ عبد الظاهر أبو السمح ، وظل بهذا العمل إلى أن توفى الله الشيخ عبد الظاهر ، وصار الشيخ الخليفي إمامًا رسميًا بالحرم المكي .ومع تزايد عدد أئمة الحرم المكي ، صار الشيخ الخليفي يؤم الناس في صلاتيّ العصر والمغرب ، ثم في صلاة المغرب فقط ، إلى أن توفى رحمه الله ، عقب مرور أربعون عامًا كاملة قضاها الشيخ الخليفي في إمامة المصلين ، بالمسجد الحرام ، وعشرة أخرى عمل خلالها مساعدًا للشيخ أبو السمح .إمام الملوك :
جدير بالذكر ، أن الشيخ الخليفي رحمه الله ، قد أمّ المصلين في عهد خمسة ملوك بالمملكة ؛ حيث قام الشيخ بإمامة المصلين في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ، وكان ذلك في وقت موسم الحج ، ثم قام بإمامة المصلين في حضور الملك سعود رحمه الله ، والملك فيصل رحمه الله ؛ حيث كان يعمل إمامًا لديه بالقصر ، بالإضافة إلى قيامة بإمامة المصلين مع الملك خالد رحمه الله ، والملك فهد رحمه الله ، ورحم شيخنا الجليل ؛ الشيخ عبدالله الخليفي .