حينما دخل المسلمون الأندلس ، أرادوا تطهيرها فطردوا بقايا النصارى الذين رفضوا الخضوع لهم ، واتجه هؤلاء النصارى إل قمم الجبال الشمالية ، حيث كونوا هناك مملكة لهم تحت زعامة بلاي الذي أصبح ملكاً عليهم .
وظلوا هناك حتى ازداد عددهم وقويت شوكتهم ، وبعدها أرادوا محاربة المسلمين واسترجاع أرضهم ، وكانوا من الذكاء لمعرفة حال المسلمين حتى يروا إن كان الوقت مناسب لتوجيه ضربتهم أم لا ؟ فأرسل ملكهم جاسوساً من عنده ليأتيه بأحوال المسلمين ، فعبر الجاسوس النهر ولما وصل إلى شاطئ المسلمين وجد بعض الفتية الصغار الذين يتبارون في رمي النبال ؟ ، ووجد واحدً منهم منفرداً لحاله يبكي .
فسأله عن سبب بكائه وحزنه ، فقال له الفتي : اني أخطأت الهدف ، فقال له الجاسوس : وماذا يعني هذا ؟ ، قال الفتى : لقد كنت أتدرب على الجهاد في سبيل الله ، وأخطأت الهدف ، وإذا كان هذا حالي وأنا أتدرب ، فكيف سيكون حالي إذن بالجهاد ؟ فرجع الجاسوس إلى ملكه وقال له : الوقت غير مناسب للحرب ، فلا قبل لكم بالمسلمين الآن ، فإذا كان هذا حال فتيتهم الصغار فكيف سيكون حال جندهم ؟ ، وتمر السنوات واحدة تلو الأخرى ، والملك ما زال يفكر في استرجاع الأندلس .
فيرسل جاسوساً أخر إلى بلاد المسلمين ، فلما عب الجاسوس النهر ووصل إليهم وجد المسلمون قد وهنوا وغرتهم الحياة الدنيا ، حيث كان يقف هناك مجموعة من الرجال وتلتف حولهم جواريهم .
فسألهم الجاسوس عن أمرهم ، فقالوا نحن نتنافس بجمال جوارينا ، وأي منا يمتلك أفتنهن ، ورأى الجاسوس رجلاً منعزلاً عنهم يجلس حزيناً ، فسأله عن حاله وسر حزنه ؟ ، فقال الرجل : لقد سقط خاتم جاريتي في النهر ولا استطيع استرجاعه لها .
فرجع الجاسوس على الفور إلى ملك النصارى ، وقال له : لقد أن الأوان ، أقبلوا الآن على القوم فقد فسدت أخلاقهم ، وبالفعل كانت النتيجة ضياع الأندلس من أيدي المسلمين وسقوطها ثانية في أيدي النصارى ، فطالها الكفر بعد الإيمان بسبب ضعف مسلميها وانشغالهم بأمور الحياة الدنيا عن أمور الدين .