إن عقل الإنسان في حالة توهج وعمل شبه مستمر ؛ ويُعتبر النوم هو الحالة شبه الوحيدة التي تساعد على توقف ذلك العقل لبضع ساعات عن العمل ؛ لأن جسم الإنسان بحاجة إلى الراحة ، وكذلك عقله الذي يرهقه طوال اليوم في التفكير في أمور الحياة المختلفة من عمل ومشكلات وأمنيات.
يستمر العلم دائماً في التقدم والسعي إلى كل ما هو أفضل من أجل حياة أكثر راحة للإنسان ؛ ومع ذلك الزخم والصخب والإرهاق العقلي الذين يتواجدوا بالحياة اليومية ؛ وقد يُصاب الإنسان بحالات مرضية نتيجة ضغوط التفكير ؛ من هذا المنطلق توجب خلق حالة من الاسترخاء تساعد العقل على الوصول إلى الهدوء والإحساس بالأمان الداخلي للروح .
تم التوصل إلى ما يُعرف بالتنويم المغناطيسي أو الإيحائي ؛ وقد سُمي بذلك لأنه كالمغناطيس الذي يجلب النوم إلى العين ويجعل العقل سابحاً في بحر من الاسترخاء والأحاسيس المُنعشة الجميلة ؛ وأيضا لأنه يوحي إلى الإنسان الدخول في حالة هدوء داخلي غير موجودة بالواقع ؛ مما يساعد بدوره في علاج حدة القلق والتوتر الموجودين عند الإنسان .
يُعتبر التنويم المغناطيسي حالة يستجيب فيها عقل الإنسان اللاواعي للتعبيرات الإيحائية التي تساعد العقل على الوصول إلى مرحلة من الاسترخاء والهدوء ، وهو حالة طبيعية يحتاج إليها الإنسان من وقت لآخر ؛ وقد يدخل فيها الإنسان بشكل غير مباشر إذا استغرق في قراءة كتاب أو في مشاهدة التلفاز ؛ فإنه يشعر أحياناً أنه قد انفصل عن العالم الخارجي ودخل في قصة أخرى ؛ ولكن ما يساعد في علاج الكثير من الأمراض هو ذلك التنويم الذي يقوم به المختصون لأجل الوصول بالشخص إلى حالة ذهنية معينة تساعده على البُعد عن ضغوط الواقع .
أكدت منظمة الصحة العالمية أن مَن يستجيبون للعلاج والتنويم الإيحائي تصل نسبتهم إلى 90% ؛ لذلك فهو يساعد في علاج نسبة كبيرة جداً من الأشخاص الذين أرهقتهم ضغوطات الحياة ؛ حيث يكون العقل في حالة استرخاء تام وتركيز في ذات الوقت ؛ مما يجعله يستجيب بسهولة إلى الأفكار الإيجابية المُحفزة التي تتغلغل عبر رسائل وكلمات تُضخ إلى العقل بصورة معينة ؛ فينصت لها في استجابة غير عادية .
لم يتم تحديد تاريخ معين لاستخدام التنويم كنوع من العلاج ، ولكن وجد الباحثون بعض البرديات المحفوظة بمحافظة الجيزة المصرية ؛ والتي أوضحت أنه في التاريخ المصري القديم كان هناك ما يُسمى باسم معابد النوم ؛ وأشارت الصور إلى وجود أنماط من التنويم المغناطيسي الحديث ولكن مع تواجد الطقوس المقدسة التي كانت تُستخدم في تلك الحالة ؛ لذلك من المفترض أن الفراعنة هم أول من استخدموا ذلك التنويم المغناطيسي .
قام طبيب من سويسرا يُدعى فرانس أنطوان ميسمر بإعادة اكتشاف التنويم الإيحائي خلال القرن الثامن عشر ؛ وذلك حينما قام باستخدامه كمُخدر للمرضى ؛ غير أن الناس في تلك الفترة اعتبروه يقوم بأعمال سحر وشعوذة ؛ مما جعل المنظمة الطبية بفيينا تحرمه من الحصول على عضويتها .
قام جيمس بريد بالبحث عن آثار ذلك التنويم عام 1842م ؛ لذلك أُطلق عليه أنه والد التنويم المغناطيسي الحديث ؛ وفي العام التالي قام جيمس بريد بكتاب كتاب يختص بهذا الموضوع تحت عنوان Neurypnology ساهم من خلاله في توضيح معنى التنويم الإيحائي .
قام الأطباء النفسيون في العصر الحديث باستخدام التنويم المغناطيسي لعلاج حالات الأرق ، وأمراض الأعصاب ، والإدمان بمختلف أنواعه ، والاكتئاب ، والصداع ، والعديد من الأمراض النفسية الأخرى التي قد تصيب الإنسان ؛ وبذلك أصبح التنويم المغناطيسي يمتلك مكانة خاصة في مجال الطب النفسي .