لا يعيب الإنسان إن أخطأ يوماً أو انحرف عن طريق الصحيح ، فجميعنا عرضة للخطأ ولكن إن استمررنا في ممارسته بهذا يكون الخطأ خطأن وهذا ما لم يفعله رجل العصابات جون بول الذي عاد إلى رشده قبل أن يختطفه عالم الجريمة للأبد .
ولد جون بول لأب إيطالي وأم يونانية وعاشا معاً بالولايات المتحدة الأمريكية ، ورغم زواجهما غير المستقر أنجبا طفلين ولكن نتيجة لكثرة الخلافات انفصل الزوجان وهرب الأب تاركاً المسئولية لزوجته التي لا تعمل ، وكانت حالتهم المادية سيئة للغاية مما دفع الطفل الصغير جون بول للعمل وهو في سن السابعة فقط حيث اضطر أن يعمل في بيع بطاقات التهنئة والصحف لدفع تكاليف تعليمه هو وشقيقيه والوقوف إلى جوار أمه البائسة .
ظل جون يعمل حتى سن السادسة عشر من عمره ، ولكن في فترة المراهقة شعر بقوته الجسمانية وتحت تأثير رفقاء السوء بدأ يتذمر من حاله ويتساءل لما أتحمل مسئولية هرب والدي وفقر أسرتي؟ وهنا قرر جون ترك الحمل والانضمام لعصابات الشوارع ظناً منه أنه سيصبح رجلاً ذا مال وسلطة ، وبالفعل انغمس جون في حياة الجريمة فأصبح منظر الدم مألوفاً بالنسبة له وصوت الرصاص لا يزعزع قلبه .
بدأ جون يفقد أصدقائه واحداً تلو الأخر بسبب أعماله الإجرامية ، إلى أن أصبح وحيداً وذات يوم استوقفه أحد معلميه بالمرحلة الثانوية وقال له وهو متأثر لما أل إليه : لا أستبعد أن تكون أنت الضحية القادمة أو حتى أحد المساجين الذين سيمضون بقية عمرهم خلف القضبان ، لا تعلق ما أنت فيه على شماعة الفقر فما زالت الفرصة أمامك كي تعود .
كان لذلك اللقاء الذي جمعه بالمعلم أثراً كبيراً عليه ، فقد أخذ يفكر في حال والدته وأخوته الذين سيبقون وحدهم إن حدث له شيء ، لذا أعاد جون حساباته وحاول البعد عن رفقة السوء ، والتحق بالمدرسة الثانوية مرة أخرى ليكمل تعليمه رغم محاولات الإغراء التي كان يتعرض لها من أصدقاء السوء .
وبصعوبة بالغة أكمل دراسته والتحق بالتجنيد الإلزامي في البحرية الأمريكية ، وبعد عودته عاد لنفس الحي الذي تربى فيه وقرر أن يعمل بكل نزاهة وأمانة كي يكون شخصاً صالحاً في المجتمع وليس رجل عصابات كما كان .
عمل جون بعد عودته في ١٥وظيفة من وظائف التسويق، تعلم منها حكماً كثيرة أهمها أن المسوق قد يقف على مئة باب ولكن لا يفتح له سوى باب واحد فقط ، لذلك أدرك جون أن عليه أن يقابل العميل الأول بنفس لحماسة التي يقابل بها العميل الأخير.
ومن تقلبات الحظ في حياة جون أنه طرد من آخر ثلاثة وظائف عمل بها في شركات التجميل .
والسبب في طرده من أخر وظيفة كان خلاف نشب بينه وبين مديره ، ولكن جون لم يستسلم لذلك وقرر عمل مشروع خاص به مع صديقه مصفف الشعر أنجوس ميتشل ، حيث قرر الاثنان العمل في مجال بيع مستحضرات التجميل وخاصة منتجات الشعر .
لم يكن مع جون في ذلك الوقت سوى سبعمائة دولار ، فكانت البداية صعبة للغاية حيث كان هو وشريكه يمضيان أوقاتاً طويلة من العمل دون أي عائد وواجهتهم صعوبات كثيرة في سداد الفواتير والإيجارات إلى أن أضطر جون أن يجعل من سيارته غرفة لنومه.
ورغم الكثير من العروض والفرص الوظيفية التي انهالت عليه إلا أنه لم يستسلم لليأس واستمر في بناء شركته ، وبعد أشهر من العمل الشاق بدأ مشروعه هو وصديقه يؤتي ثماره ، حيث أصبحت منتجات الشركة التابعة لهم تزداد شهرة يوماً بعد يوم .
حتى أصبحت شركتهما John Paul Mitchell Systems من أكبر شركات العالم في صناعة الشامبوهات ، ومستحضرات العناية بالشعر والبشرة حيث أصبحت تنتج أكثر من 100 منتج في كل بلدان العالم كافة ، ولعل هذا ما جعل جون بول يتوسع في استثماراته ويدخل لمجالاتٍ أخرى مما جعل ثروته تصل إلى أربعة مليارات دولار فبدلاً من أن يصبح رجل عصابات صار رجل أعمال فهكذا يجازي الله الصالحون .