كاد طفل فرنسي أن يفقد حياته بعد أن تدلى من شرفته بالدور الرابع في باريس ، ولكن ظهر فجأة في ذلك المشهد الدرامي المرعب شاب مالي ، والذي تمكن من تسلق أربعة طوابق حتى يقوم بإنقاذ الطفل من الموت الذي يقترب منه ، وقد اشتهر ذلك الشاب منذ ذلك الحين بلقب “الرجل العنكبوت”.
من هو الرجل العنكبوت منقذ طفل باريس : إنه الشاب “مامودو قاساما” وأصله مالي ويبلغ من العمر 22 عاماً ، وقد عُرف بأنه بطل حقيقي بعد شهرته التي نالها من خلال إنقاذه للطفل الفرنسي ، وهو ما جعل الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” يقوم باستدعائه في قصر الإليزيه حتى يُكرمه على حسن صنيعه في إنقاذ الطفل الصغير .
قام الرئيس الفرنسي بمنح الشاب المالي الجنسية الفرنسية تكريماً له على بطولته ، وللشاب تاريخ في التحديات والمغامرات ؛ حيث تحدى الصحراء الكبرى وتخطى العصابات الليبية وعبر أمواج البحر المتوسط ، وذلك كله خلال ملحمته من أجل بلوغ أوروبا .
كيف بدأت مغامرات مامودو في الهجرة : بدأ مامودو في خوض رحلة مليئة بالمغامرات من أجل تحقيق هدف الهجرة خلال عام 2013م ، كان يتسم الشاب بالخجل وقد وفد من بلدة ياغوين التي تقع في جنوب غربي مالي ، لم يخش الشاب الموت الذي كان يحيطه حيث أن هذه الرحلات تودي بحياة الآلاف في كل عام.
وقد بررّ الشاب المالي سبب هجرته حتى وصل إلى فرنسا بأنه كان يلحق بأخيه الذي سبقه وهاجر إلى فرنسا ، وقد قال إلى الرئيس الفرنسي حينما قابله :”لم يكن لديّ ما يعينني على الحياة والعيش ، ولم يساعدني أي أحد”.
سافر مامودو في رحلته عبر بوركينا فاسو وشمال النيجر ، ثم اتجه إلى ليبيا والتي تُعد بمثابة المركز الرئيسي في رحلات العبور التي تتم في سرية إلى أوروبا ، وقد استقر مامودو لمدة عام في ليبيا حيث كان يعمل هناك ، وذلك لأن المهاجرين يقعون كفرائس لعصابات مسلحة هناك ، حيث تقوم تلك العصابات بخطفهم وطلب فدية .
وتقوم العصابات في بعض الأحيان باستعباد المهاجرين ، وقد تحدث مامودو عن تلك الفترة من حياته في ليبيا حيث قال :”لقد عانيت طويلاً ؛ حيث كان يتم احتجازنا وضربنا ، ولكنني لم أفقد الأمل”.
تمكن مامودو من الإبحار بعد عام قضاه في ليبيا إلى إيطاليا عن طريق أحد القوارب ؛ والذي كان مكدساً بالمهاجرين من مختلف البلدان ، وعادةً تغرق هذه القوارب نظراً لكثرة الركاب ، وقد قال مامودو متحدثاً عن هذه الرحلة إلى واحدة من محطات التلفزيون الفرنسي :” لقد كانت الرحلة مفزعة ، وكان عدد الركاب كثيراً جداً”.
وصل مامودو إلى إيطاليا بعد خوض رحلة قاسية مليئة بالفزع خشية غرق القارب المكدس بالركاب ، ثم بدأ فيما بعد رحلة أخرى باتجاه فرنسا ، وقد وصل بالفعل إلى هناك ولجأ إلى أقارب له يعيشون داخل حي مونترويل شرقي العاصمة في باريس والمعروف باسم” باماكو الصغيرة”.
أقام مامودو في غرفة في أحد المنازل المخصصة للمهاجرين ، والتي تبلغ مساحتها 15 متر مربع ، وكان يعيش في الغرفة مع مجموعة من أقاربه ، ويوجد بهذه الغرفة بعض الفرش الموضوع على الأرض .
كان مامودو يقبل بعض الأعمال التي تُعرض عليه في مجال البناء، غير أنه كان مهدداً بالترحيل عن البلاد في أي وقت ، ولكن حدث ما غيرّ حياته تماماً حينما شاهد طفل في الرابعة من عمره يتدلى من أعلى شرفة بالطابق الرابع في إحدى البنايات بشمال باريس .
لم يفكر مامودو في الأمر ؛ بل إنه اندفع بمجرد رؤيته ذلك المشهد من أجل إنقاذ الصغير ، وقد قال مامودو إلى الرئيس الفرنسي عن هذه الواقعة :”لم أفكر مرتين بل اندفعت من أجل أداء المهمة” ، وقد تمكن بالفعل من إنقاذ الطفل .
خلال يومين فقط من هذه الواقعة ؛ كان مامودو في قصر الإليزيه من أجل مقابلة الرئيس الفرنسي ، وهناك استمع الرئيس إلى قصته وهو مبتسم ، ثم قام بمنحه نوط الشجاعة ، وقد عبرّ مامودو عن سعادته قائلاً إنها المرة الأولى التي يتلقى فيها ميدالية .
تحدث شقيق مامودو البالغ من العمر 54 عاماً عن أخيه قائلاً أنهم فخورون به لأنه يحب مساعدة الآخرين ، وقد حصل مامودو على الجنسية الفرنسية ، كما حصل على وظيفة في خدمة الإطفاء التي رحبت به كثيراً .