قد تختلف النهايات كثيراً عن البدايات ، بل إنها قد تنقلب تماماً لتنحدر إلى طريق مفزع وغير متوقع على الإطلاق ، وهو ما حدث بالضبط مع الهولندي “يوهان دي ويت Johan De Witt” الذي كان في منصب يحاكي منصب رئيس الوزراء حالياً ، كما أنه عُرف بأنه سياسي مُحنك ، غير أن نهايته كانت من أبشع النهايات .
البداية مع السياسي المحنك : ينتمي يوهان دي ويت إلى أصول عائلية عريقة ، حيث كان الكثيرون من أفراد عائلته يعملون بالمجال السياسي ، وكان والده أبرز هؤلاء الذي اقتحموا العمل السياسي ، حيث أنه تقلد منصب العمدة لمدينة دودريخت Dordrecht ، فكانت الظروف مهيئة ليوهان كي يتلقى تعليماً جيداً ، وقد اكتسب مهارة جيدة في مجال الرياضيات ، والتي مكنّته فيما بعد من إدارة الشئون الاقتصادية للبلاد .
حصل يوهان في حدود عام 1653م وهو في سن الثامنة والعشرين من عمره على منصب المتقاعد الأكبر في هولندا ؛ وهو المنصب الذي يُعرف في الوقت الحالي بمنصب رئيس الوزراء ، وقد توقع الجميع لهذا الشاب مستقبلاً زاهراً في السياسة ، وبالفعل تم إعادة انتخابه ثلاث مرات في منصب المتقاعد الأكبر .
وقد حصل يوهان على لقب السياسي الذكي والمحنك ، حيث أنه تمكن بعد عام واحد فقط من توليه المنصب من إنهاء الحرب الهولندية الإنجليزية ، وكان عهده في هولندا يُعرف بالعصر الذهبي للبلاد حيث أصبحت هولندا قوة عظمى تمتلك العديد من المستعمرات آنذاك في آسيا وأمريكا ، كما تميزت الحركة التجارية في الموانئ الهولندية بنشاطها الكبير ، حيث كانت تتوافد العديد من السلع على البلاد مثل الحرير والذهب من خلال الطرق التجارية التابعة لشركة الهند الشرقية الهولندية .
حروب وصراعات سياسية : بينما كانت هولندا تعيش حالة من الازدهار الاقتصادي وقعت بعض الصراعات السياسية بين التجار الجمهوريين وبين أتباع النظام الملكي ، وكانت عائلة يوهان دي ويت مشهورة بمعارضتها النظام الملكي في تلك الآونة ، كما وقعت خلافات بين الهولنديين والإنجليز في منتصف الستينيات من القرن السابع عشر ، حيث كانت بينهما منافسات تجارية قوية على المستعمرات والطرق التجارية ، وهو ما تسبب في اندلاع الحرب بين القوتين خلال عام 1665م ، وقد دافع يوهان عن بلاده بكل شجاعة .
وقد وصلت هولندا إلى أسوأ سنواتها بحلول عام 1672م ، حيث أعلنت كل من إنجلترا وفرنسا وكولونيا Cologne ومونستر Munster الحرب على هولندا ، وهو ما أدى إلى سرعة سقوط يوهان دي ويت ، حيث وُصف ذلك العام في هولندا على أنه عام كارثي عُرف باسم “Rampjaar” ، وذلك بسبب التقدم السريع للقوات الفرنسية داخل هولندا .
في تلك الآونة بدأت شعبية يوهان دي ويت في التراجع ، وكان ذلك بالتزامن مع عودة الأمير ويليام الثالث William111 ، والذي أصبح بطلاً قومياً في نظر الكثيرين ، وتم عزل يوهان من منصبه في نفس العام ، وتم إجبار أخيه كورنيليس Cornelis على التنازل عن كل امتيازاته ، وذلك قبل أن يتم سجنه بتهمة الخيانة العظمى .
أبشع نهاية : ذهب يوهان يوم 20 من شهر أغسطس لعام 1972م لزيارة أخيه في سجن لاهاي The Hague ، فقام مجموعة من المواطنين بالتشكيك في هذه الزيارة ، وقاموا بالتأكيد على أنها مؤامرة ضد الدولة ، وهو ما جعلهم يحتشدون وسط المدينة ، ثم هاجموا سجن لاهاي وقاموا بسحل يوهان وشقيقه في إحدى الساحات ، وقاما بضربهما ثم تم إعدامهما رمياً بالرصاص ، كما تم تعليق جثتيهما على أحد الأعمدة ، ولم تكتف الجماهير بهذا الحد ، حيث عمد بعضهم إلى تقطيع جثة يوهان والأكل منها .