خرج عامر من عمله مهموماً يفكر كيف سيعيش لنهاية الشهر ، بتلك الجنيهات البسيطة ،فلقد استلم راتبه اليوم من المصنع 900 ج وزيادة 50ج فماذا سيفعل بذلك الراتب مع ارتفاع الأسعار ومتطلبات الحياة التي لا تنتهي وكيف ستعيش أسرة من أربع أفراد بذلك المبلغ ، اخذ يهز رئسه بيأس ويقذف ما أمامه من حجارة بالطريق وهنا قذف الحجر بقوة ليخبط احد المتسولين في رأسه وهنا صرخ المتسول بألم :
آه يا راسي لماذا فعلت ذلك يا أستاذ فانا رجل غلبان على باب الله
كلنا على باب الله لست وحدك يا أخي اعذرني لم أكن اقصد ولكنى دفعت الحجر بقوة
فقال المتسول :
هل تعطيني حاجة لله ويكفيك الله شر المرض ، فانا مريض واحتاج للعلاج ، وعندي خمس أطفال ولا استطيع العمل؟رد المتسول عليه بحزن قائلاً:خمس أطفال كان الله في عونك فانا عندي طفلان واكلم نفسي ، فاخذ عامر يبحث في جيبه كثيراً عن شيء ليعطيه للمتسول ويتصدق بيه اول الشهر ، وهنا اخرج جنيه فضة بفرح ووضعه في يد المتسول وهو يحاول أن يداريه حتى لا يعرف يساره عن يمينه شيئاً
وهنا نظر له المتسول بسخرية قائلاً :جنيه هل هذا ما تتصدق بيه يا رجل ونحن أول الشهر ، فيا لك من بائس حقاً ، فقال عامر بغيظ شديد للمتسول: احمد ربك يا أخي ، فهو ما معي من فكه لك
فقال المتسول بسخرية: قل لي يا رجل وأنا أفك لك يا أستاذ ، فكم تريد أن تفك من الأوراق ، فاستشاط عامر غضباً من ذلك المتسول ، ” قليل الأدب ” فقال بسخرية :
معي ورقة 200 ج هل معك فكه ، أيها المتسول الظريف ، فنظر له المتسول بتعجب ثم انفجر بالضحك قائلاً :
200 ج وهل تحتاج تلك الورقة لفكه ، تلك الايام يا رجل أعطيها لي كلها وسيعوضك الله خيراً ، ان شاء الله ، فاستشاط عامر غضباً من كلام ذلك المتبجح اللعين فقال له : هل تريد أن تأخذ 200 ج يا مفترى ربع راتبي الشهري ، وماذا افعل أنا يا لك من جشع وطماع
فنظر له المتسول بحزن وتسأل بحيرة :
وكم مرتبك يا أخي أخبرني ؟
رد عامر قائلاً : 900 ج
رد المتسول عليه قائلاً : وهل عندك أولاد؟
رد عليه عامر بحزن قائلاً عندي طفلان يا رجل هل تصدق ؟
رد المتسول بحيرة شديدة وهو يهز رأسه : وكيف تدبر أمورك يا أخي ، بذلك المبلغ البسيط فهو لا يكفي لربع الشهر وليس لأخره ؟
فقال عامر بحزن وهو يكاد يبكي وهو يتذكر حاله :كله على الله يا أخي ، ماذا سنفعل إنه أمر الله ؟
وهنا اخرج المتسول ورقة ب 200 ج ، وقال للرجل بحزن :
خذ يا أستاذ اشتري لأولادك بعض الفاكهة والحلوى ، وقل لهم يدعوا إلى ” عمو الشحات ” ، فلا تخجل ، وهنا نظر عامر إلى الورقة بلهفه وأخذها من المتسول ، ووضعها في جيب بنطاله بسعادة فالآن أصبح في جيبه 1150 ج وهو يقول :
ربنا يكفيك شر المرض ويوسع رزقك يا أخي ، فأنت حقاً رجل كريم ، هل تريد من يساعدك بالعمل في العطلات الرسمية والأجازات ، خذ رقمي ولن أتردد في المساعدة والعمل معك ؟