على الباغي تدور الدوائر


يعد هذا المثل من أكثر الأمثال التي قيلت في الظلم والبغي ، فمن يَظلم يُظلم ولو بعد حين ، وقد حذر الله سبحانه وتعالى عباده من هذه الصفة الذميمة والفعل الرديء ، وقد ورد ذلك في العديد من السور كقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ } (يونس:23) ، وفي هذه الآية يرجع الله ضرر الباغي على نفسه ، لكي يعتبر الظالمون

قصة المثل :
روى أبو نعيم بن عبدالله الأصبهاني في كتابه حلية الأولياء وطبقات الأصفياء قصة لهذا المثل ، يقول فيها بكر بن عبدالله أنه كان هناك ملك فيمن طواهم التاريخ من قبل ، وكان له حاجب يقربه وله يدنيه منه ، وقد كان حاجبًا خيرًا يدعو الملك للإحسان للمحسن والكف عن المسيء

وكان في بلاط الملك رجل أخر سيء النفس حسود الطباع ، لم يرضه قرب الحاجب من السلطان ، فحسده على ما هو فيه وأوقع بينه وبين الملك ، فسعى إلى الملك وقال له : إن الحاجب يخبر الناس أنك أبخر ، وأبخر تعني ذو فم كريه الرائحة ، فسأله الملك على دليل صدقه ، فقال له الساعي : حينما تقربه منك لتحدثه فإنه يقبض على أنفه

وبعدها ذهب الساعي وكاد للحاجب حيلة يوقع بها بينه وبين الملك ، فدعاه للطعام وقدم له المرقة وأكثر بها الثوم ، فلم دعاه الملك ليحدثه وضع يده على فمه لكي لا تصدر منه رائحة الثوم فيشمها الملك وينزعج ومنها ، فلما رآه الملك على هذا الحال ، قال لها تنح جانبًا ، ودعا بالدواة وكتاب له كتابًا ، قال اذهب بهذا إلى فلان ، وقدر لها جائزة بمائة ألف

فلما خرج استقبله الساعي الذي سعي للإيقاع بينه وبين الملك ، فسأله عما معه فقال له هبة وهبني الملك إياه ، فطمع فيها الساعي وطلبها منه ، فوهبه إياها وخرج الساعي فرحًا بالكتاب حتى مر إلى فلان ، فلما أن فتح الكتاب وجد الملك يأمرهم بذبح حامله ، فأخذه يستحلفهم بأنهم مخطئين وأنه ليس المقصود ، ولكن دون فائدة ، وطالب منهم معاودة الملك ، فقالوا : لا يتهيأ لنا معاودته ، وكان في الكتاب : إذا أتاكم حامل كتابي هذا فاذبحوه ، وهكذا على الباغي دارت الدوائر ليلقى جزاء بغيه

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك