قصة الجريمة والعقاب تم تصنيفها من أروع أعمال ديستوفيسكي بالرغم من أنها روايته الأولى وتحكي عن شاب جامعي ، قرر قتل مرابية عجوز ، ليستخدم أموالها في مساعدة المحتاجين وفي اعتقاده أنه يقوم بعمل مقدس وله مبرر أخلاقي ، ولكنه يظل ضحية لعذاب ضميره حتى يعتقد الجميع أنه مجنون ، وفي النهاية يعترف بجريمته .
نبذة عن الكاتب : ولد فيودورميخايلوفيتش ديستوفيسكي في روسيا عام 1821م ، وهو روائي وألف العديد من القصص القصيرة ، وقد قدم من خلال رواياته تحليلاً دقيقاً للنفس البشرية ، كما أنه كان يقدم نقداً للأوضاع السياسية والاجتماعية في روسيا .
القصة :
ترك دراسته وابتعد عن الناس ، وبقى وحيداً شارد الذهن مع همومه ، وقد اشتدت عليه الآلامه حتى أنه لم يعد يشعر بها ، فالمرض ينهكه والفقر يعتصره ، والخوف يملؤه ، فإن هذا الشاب المثقف المرهف الأحاسيس شارد الذهن ، ينظر ولا يرى ، ينصت ولكن لا يسمع وبالرغم من ذلك فإنه يخطط لشيئاً ما.
إن تلك المرابية العجوز تملك الكثير من الأموال ، وليس لها وريث ، وهي لم يتبقى لها من العمر إلا القليل ، ومع ذلك تحرم الفقراء من أموالها وقد أوصت بها للدير بعد وفاتها ، فلماذا لا يقتلها وينقذ آلاف من الأرواح التي أنهكها الفقر والجوع والعري ، إنها جريمة واحدة ولكنها ستنقذ ألوفاً من الموتى وبذلك يكفر عن قتل تلك العجوز التي تمتص دماء الفقراء .
هكذا فكر راسكولينكوف ، وهو يتذكر أمه التي انفطر قلبها بعد أن طُرد من الجامعة لضيق يدها ، وأخته دونيا التي عملت مربية عند أحد الأثرياء فطاردها وحاول التحرش بها وحين رأته زوجته طردتها وتسببت لها في فضيحة ، وبعد أن ظهرت براءتها تقدم إليها خاطباً وهو رجل في الخامسة والأربعين ويدعى لوشين ، وهي بالتأكيد لا تحبه إنما وافقت لينتشلها من الفقر ويتكفل بمصاريف دراسة أخوها ، أما لوشين فهو يريدها أن تعيش أسيرة لإحسانه .
وبدت أمام عينين راسكولينكوف صورة المرأة العجوز مجدداً ، فأخذ بلطته وتوجه إلى شقتها وهو شاحب الوجه ، ومرتعد الأوصال ، وحين فتحت له الباب أخبرها أنه يريد أن يرهن علبة سجائر والده ، وحين أخذت المرأة في تفحصها ، انهال عليها بالطعنات حتى سبحت غارقة في دمائها .
تناول المفتاح ودخل إلى الحجرة ، ولكنه سمع شيء يتحرك ، ذهب ليتفقد العجوز لعلها لم تمت ، لكنه فوجئ بأختها تقف إلى جوار الجثة معقودة اللسان ، فهجم عليها وقتلها ، ولكنه وبسبب تلك الجريمة الأخرى التي لا مبرر لها عنده لم يستطع استكمال خطته الأولى ، وسرقة أموال العجوز لإنقاذ البشرية المعذبة ، فغسل يديه ونصل البلطة والدماء المتناثرة ، وهم بالهروب .
يقابل راسكولينكوف رجلاً سكيراً عاطلاً يدعى مار ملادوف ، وقد كان له بنت تدعى سونيا ، اضطرت أن تعمل كمموس لتنفق على إخوتها ، وسرعان ما تدهسه عربة فيعطي راسكولينكوف لأسرته كل ما يملك ، وهم عشرون روبلاً قد أرسلتهم والدته .
ثم يقابل لوشين فيكرها بعضهما البعض ، ويحاول لوشين أن يوقع بينه وبين والدته فيخبرها أنه ينفق كل أمواله على سونيا ، بينما ترث أخته دونيا من السيدة التي طردتها سابقاً بعض المال ، وتعرف أن أخيها لم يقابل سونيا إلا مرة واحدة فتترك لوشين العجوز .
وتمر الأيام ويتعرف لوشين على سونيا وحاول أن يلفق لها جريمة ليجعلها تحت رحمته ، ولكن راسكولينكوف يفضحه ، ويتقرب من سونيا ويحكي لها عن جريمته التي ظلت تعذبه وتطارده ليلاً نهاراً ، فتطلب منه سونيا أن يعترف ، فيذهب راسكولينكوف ليودع والدته ، ثم يذهب ليعترف أمام أحد أصدقائه من رجال الشرطة ولكنه يسمع خبر انتحار أحد أصدقاؤه في القسم .
فينصرف خارجاً ثم يعود من جديد ، ليسأله صديقه الضابط لماذا عدت هل أنت مريض ، ولكنه يخر جالساً على الكرسي ، ويقول له أنا الذي قتلت السيدة العجوز وأختها ، وتموت والدته من حسرتها وتبقى أخته دونيا وحيدة صابرة ، أما هو فيذهب هناك إلى أحد سجون سيبيريا .