كان هناك شاب متفوق في الدراسة، وكان وضعه المادي صعباً، فاضطر إلى العمل بعد المدرسة في بيع بعض الأغراض التي يأخذها من المتاجر بالدق على البيوت وعرضها عليهم.
لم يكن هذا الشاب ينفق الكثير من المال على نفسه، فكل شيء كان يذهب للتعليم والكتب حتى يضمن نجاحه الدراسي، فقد كان مدركاً أن المخرج الوحيد من كل هذه المشاكل التي يعيشها هو التفوق في دراسته والحصول على شهادة عالية.
وفي يوم من الأيام، لم يستطع الوقوف على قدميه من شدة التعب والجوع، فحاول التجلد والصبر وأبى أن يطلب المساعدة، لكنه لم يستطع، فقام بدق باب أحد البيوت، فخرجت امرأة شابة وقالت له: ماذا تريد؟
شعر الشاب بالإحراج فلم يطلب الطعام وقال لها: كأس ماء لو سمحت.
نظرت المرأة الشابة لوجه البائع فأدركت جوعه وخجله من السؤال، فخرجت ومعها قطعة خبز وكأس حليب، وقدمتها له، فعرض عليها شيئاً من الأغراض التي معه مقابل ما أعطته إياه، فقالت له: لا ثمن لعمل الخير.
مرت الأيام، وأصيبت تلك المرأة بمرض عصبي نادر، دخلت على إثره المستشفى، وخضعت للعلاج، كان هناك طبيب منكب بشكل غريب على الإشراف على حالتها.. وقام بكل ما في وسعه للعناية بها أملاً في شفائها.
شهران من العمل الطبي المتواصل نجح من خلالهما هذا الطبيب الشاب في علاج المرض، وشفيت المرأة..
عندما قرب معد مغادرتها المشفى، جائها أحد الممرضين بالفاتورة داخل ظرف، نظرت إلى زوجها الذي كان خائفاً من الدخول في مشاكل قانونية بسبب الفاتورة الضخمة المتوقعة، لكنهما اضطرا للخضوع للعلاج بسبب المرض الخطير الذي أصابها.
فتحت المرأة الظرف وهي مرعوبة لتجد فيه العبارة التالية: "الفاتورة دفعت منذ سنوات .. كأس حليب!".
يقول الشاعر: "إزرع جميلاً ولو في غير موضعه .. فلن يضيع جميل أينما زرع."