خلال عام 1969م وعام 1971م تم احتلال جزيرة الكاتراز ، حيث سيطر المتظاهرون الأمريكيون الأصليون على السجن السابق بها ، احتجاجًا على انتهاكات الحكومة ، فقد كانت جزيرة الكاتراز موطنًا لسجن أمريكا الشائن لأكثر من 100 عام ، حيث كان في البداية سجن عسكري تابع لوزارة الدفاع ثم أصبح بعد ذلك سجن فيدرالي تابع لوزارة العدل قبل أن يغلق أبوابه عام 1963م
لكن لفترة وجيزة من عام 1969م احتل ناشطو أمريكا الأصليون السجن المعروف “بالصخرة “احتجاجًا على معاملة الحكومة الأمريكية لشعبها ، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بحقوق الأرض وعلاوة على ذلك كان هدفهم المعلن ، هو تحويل الجزيرة إلى مركز ثقافي ومدرسة للأميركيين الأصليين ، وعندما طُلب منهم المغادرة أثناء الاحتلال الأولي ، أجاب أولئك الذين استولوا على الجزيرة بسخرية بأنهم سيخلونه في مقابل 24 دولارًا من الخرز الزجاجي والقطع الحمراء
فخلال محاولة مماثلة في عام 1964م ، استمرت لبضعة أيام انتهى المطاف بخمسة أعضاء من قبيلة داكوتا في احتلال الجزيرة باسم شعبهم ، في إشارة إلى معاهدة فورت لارامي التي سمحت للأميركيين الأصليين بتخصيص الأراضي الفيدرالية الفائضة في الولايات المتحدة الأمريكية ، وبالطبع كانت مثل كل هذه المعاهدات ، فمن وجهة نظر الحكومة الأمريكية ، لم تكن تستحق الورقة التي كُتبت عليها
ثم بعد ذلك وبعد احتلال رمزي لمدة يوم واحد للجزيرة من قبل مجموعة من النشطاء في أوائل نوفمبر عام 1969م ، أعلن ذلك ريتشارد أواكس وهو أحد ناشطي الموهوك ، حيث قال : “إذا كان احتلال الرجال البيض يومًا ما لأرض هندية قبل عدة سنوات هو إرساء لحقوقهم العشوائية ، فإن احتلال الكاتراز يومًا واحدًا من شأنه أن ينشئ حقوقًا هندية للجزيرة ”
وفي نهاية المطاف وبعد بضعة أسابيع وصل 89 من الأمريكيين الأصليين من مختلف القبائل إلى الجزيرة ، والعديد منهم كانوا أعضاء في حركة القوة الحمراء ، التي طلبت كل الحقوق المدنية للأمريكيين الأصليين ، ابتداءً من الستينيات وبسرعة كبيرة ظهرت رسالة على برج المياه بالجزيرة ، كان نصها : “السلام والحرية” ، أهلا بك هنا موطن الأراضي الهندية الحرة ” ، في حين أن شعارات أخرى مثل ” السلطة الحمراء “رسمت أيضا في أماكن مختلفة
احتلال الكاتراز والإعلان الأول :
تحدث ريتشارد أواكس إلى الصحافة مباشرة بعد بدء احتلال الكاتراز ، ومع بدء احتلال الكاتراز أصدر المتظاهرون الإعلان الأول : (الذي طالب ب 24 دولارًا من الخرز والقماش الأحمر) ، قائلاً أنهم لا يمانعون من نقص المياه العذبة ، والحقيقة أن الجزيرة كانت غير مطورة إلى حد كبير ، ولكنهم كانوا يعيشون في ظروف مماثلة ؛ وكانت إدارة نيكسون غير راغبة في الخضوع للمشهد العام ، المتمثل في الإبعاد القسري للأميركيين الأصليين من الجزيرة طالما كانت اتجاهاتهم سلمية
لهذا أرسلت ممثلين للتفاوض ، لكن المندوبين باسم “الهنود من جميع الأمم” رفضوا أي شيء باستثناء العيش على الجزيرة ، ومع انضمام النشطاء والمؤيدين وغيرهم إلى المتظاهرين الأصليين البالغ عددهم 89 في الأشهر التالية ، سرعان ما تضخم عدد سكان الجزيرة إلى أكثر من 600 شخص ، وأقاموا مطابخ وعيادة صحية وأقسام للعلاقات العامة وحضانة ومدرسة دراسية ، وكان هناك حتى قوة أمنية أُنشئت للقيام بدوريات على شواطئ الجزيرة
وقد أنشأ أحد أعضاء قبيلة داكوتا البث الإذاعي العادي ، ” راديو Free Alcatraz ” ، وبحلول نهاية عام 1969م وصلت التبرعات بما فيها النقود والملابس والأغذية ، لتعزيز احتلال الكاتراز ، وزار المشاهير الجزيرة لدعمهم ، بما في ذلك جين فوندا وميرف جريفين وأنتوني كوين ، وفي الوقت نفسه كانت الحكومة الأمريكية تتآمر للخروج من هذا المأزق
التعتيم والنار :
وقعت المأساة عندما فُقد الزعيم الرئيسي للحركة ، ريتشارد أواكس وزوجته ابنته عندما سقطت من على ممشى الجزيرة وماتت ، فخيم عليهم الحزن ، وغادروا الجزيرة بعد فترة وجيزة ، وهنا بدأ كل شيء ينهار ، مع الفصائل المتنافسة التي تتطلع لملء الفراغ القيادي ، وفي أيار
مايو 1970م استنتج نيكسون وإدارته أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق ، لذا قاموا بقطع الكهرباء عنها وانقطعت جزيرة الكاتراز لتغرق في الظلام
وبعد بضعة أسابيع اندلع حريق في العديد من المباني التاريخية ، وحتى هذا اليوم ليس من الواضح ما إذا كان حادثًا أو عملًا لبعض المحرضين الخارجيين ، وعلى الرغم من الحريق والتعتيم بقي البعض لمدة سنة أخرى تقريبًا ، لكن الظروف سرعان ما تدهورت ففي نيسان
أبريل 1971م قال المتظاهر آدم فورتونات إيجل “لا أريد أن أقول أن الكاتراز قد انتهت ، لكن لا توجد مجموعات هندية منظمة تنشط هناك ، ثم قام المراقبون الفيدراليون المسلحون بإزالة ما تبقى من الناس في يونيو 1971م
تراث الاحتلال :
أصبحت جزيرة الكاتراز حديقة وطنية في عام 1973م ، ولا تزال هناك بعض الكتابة على الجدران من الاحتلال حتى اليوم ، وفي كل عام في أواخر نوفمبر ، يجتمع الأمريكيون الأصليون وأنصارهم في الجزيرة للإعلان عن “يوم رائع” ، لدعم ثقافة وتراث الأمريكيين الأصليين ، لكن في أعقاب ذلك مباشرة جذب الاحتلال الذي دام 19 شهرًا الانتباه إلى محنتهم
وفي النهاية أجبر ذلك الحكومة الأمريكية على منح بعض حق تقرير المصير للشعوب الأصلية ، فضلاً عن إعادة ملايين الأفدنة من الأرض إليهم ، وبالإضافة إلى ذلك تم تمرير أكثر من 50 تدبيرًا تشريعيًا لدعم الحكم الذاتي القبلي ، وبدون احتلال الكاتراز من المحتمل أن العديد من التظاهرات اللاحقة ، التي أظهرت للعالم التاريخ الأمريكي الأصلي الحديث ، لم تكن لتتحقق أبدًا