ولدت ألكسندرا فيودوروفنا Alexandra Feodorovna أو الأميرة فيكتوريا أليكس هيلينا لويز بياتريس في دارمشتات بألمانيا عام 1872م ، وكانت صلاتها الملكية بالملكة فيكتوريا أنها حفيدة لها ، مما أعطاها نفوذها في أوروبا وجعلها تمتلك كل زخارف الحياة الساحرة ، ولكن لسوء الحظ ارتبطت حياتها ارتباطًا وثيقًا بمستقبل الحكومة الروسية والأمة ككل ، فقد استقرت على عرش بلد زوجها القيصر نيكولاس الثاني ، مما أدى إلى زوالها وأسرتها وحدوث ثورة في جميع أنحاء البلاد
حياة ألكسندرا فيودوروفنا المبكرة :
كانت حياة الأميرة المبكرة في وقت من الأوقات مميزة ، وفي وقت أخر غير مستقرة خاصةً في الوقت الذي شاركت فيه ألكسندرا في الدروس الملكية ، وهي الابنة السادسة للدوق لويس الرابع دوق هسن والأميرة أليس من المملكة المتحدة ، وقد فقدت والدتها عندما كانت في السادسة من عمرها ، فأمضت معظم وقتها بعد ذلك مع أبناء عمومتها في إنجلترا
وعلاوة على ذلك كان يشتبه في أن الأميرة أليكس أصيبت باضطراب في الدم والهارموفيلية ، وفي سن الثانية عشرة التقت الأميرة أليكس مع الدوق نيكولاس رومانوف وريث سلالة رومانوف في روسيا ، وطوّر الإثنان صداقة وبعد ذلك علاقة ، وهذا يذكرنا بروميو وجولييت فقد كانت العائلة الألمانية للأميرة أليكس تبشر بالازدراء إلى روسيا ، في حين أن والد نيكولاس القيصر ألكسندر الثالث لم يخف عداءه تجاه ألمانيا ، وبغض النظر عن هذا فقد وقعت الأميرة أليكس والدوق الأكبر نيكولاس في الحب
الزواج والحياة الجديدة :
في 26 نوفمبر 1894م تزوج الاثنان وعندما تم تلقينها في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ، أخذت الأميرة أليكس اسمًا جديدًا ، وهو ألكسندرا فيودوروفنا ومن وقتها تركت حياتها القديمة خلفها ، ومع ذلك كانت مناسبة حفل زفافها حزينة حيث توفي والد نيكولاس بفشل كلوي في سن 49 فقط ، وعلى الرغم من أنهم كانوا في قصة من الحب ، لكنهم كانوا صغارًا على تولي مقاليد الحكم
لأن الإمبراطور فقد دليله وهو والده ألكسندر الثالث ، حينها كان القيصر نيقولا الثاني في السادسة والعشرين من عمره عندما اعتلى العرش ، وبالتالي لم يكن مستعدًا لتحمل مسؤولية أكبر دولة في أوروبا والتي كانت مليئة بالاضطرابات ، أما ألكسندرا فكانت في الثانية والعشرين من عمرها ، ولم تكن لديها أدنى فكرة عن كيفية إدارة شؤون الدولة ، وقد تولى نيكولاس السلطة عندما كان الفلاحون فقراء ، ونصف سكان البلاد البالغ عددهم 150 مليون نسمة كانوا يعتبرون أقليات عرقية
وقد تزوجوا في عام 1894م بعد وفاة والده ألكساندر الثالث ، وقضوا فترة زواجهما الأولى في جو من الحداد ، فقد كان تتويج القيصر الجديد وزوجته بداية سيئة لعهدهما ، حيث بدأ اليوم مبتهج بما فيه الكفاية ، وارتدت الأميرة ثوبًا فاخرًا مليئًا بالألماس واللؤلؤ ، وتم عمل حفل زواجهم في حقل خودينكا على بعد خمسة أميال خارج موسكو ، وبينما كان الناس يجلسون للاستمتاع بالعشاء انهار الحقل ، لأنه كان مغطى بالخنادق المتبقية من التدريبات العسكريه ومات حوالي 1300 شخص !وفي الليلة التالية للمأساة بدلًا من زيارة المستشفيات حيث يتعافى ضحايا زفافها ، حضرت ألكسندرا فيودوروفنا وزوجها حفلة في السفارة الفرنسية ، وبعد أقل من أسبوع من المأساة أجرى نيكولاس الثاني عمليه عسكرية واسعة النطاق في نفس المجال ، حيث مات العديد من العوام ، ولم تكن ألكسندرا فيودوروفنا تظهر كثيرًا و بدلاً من الاختلاط التفت نحو التصوف والاستبطان لحل وحدتها
وفي عام 1904م بعد أن حملت نيكولاس أربع بنات ، وأنجبت أخيرًا ذكر ليكون وريث للعرش شعرت بالسعادة ، ولكن لسوء الحظ ورث مرض دمّ أمّه فكان فتى صغير مريض ، وفي غضون سنوات قليلة بعد علاج أليكسي واجهت روسيا مجموعة جديدة من المشاكل
الحرب العالمية الأولى والثورة الروسية :
ففي عام 1914م دخلت روسيا في حرب مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى ، وتصميمًا لرؤية النصر الروسي في الحرب ، ذهب القيصر نيكولاس الثاني إلى الجبهة لقيادة القوات بنفسه في أغسطس 1915م ، على الرغم من أن مستشاريه أخبروه ألا يفعل ذلك
وترك ألكسندرا فيودوروفنا مسئولة عن الشؤون الداخلية ، وبدلا من الاعتماد على وزراء زوجها الموثوق بهم تركت العديد منهم
وعينت الناس الذين اقترحهم الراهب راسبوتين المنبوذ ، والذين تبين أنهم إما غير كفوءٍ أو غير أمناء وعلى هذا النحو شعر الكثيرون بأن الإمبراطورة كانت عميلاً ألمانيًا ، فقد ولدت في ألمانيا ، وفي 16 ديسمبر 1916م قاموا باغتيال راسبوتين ، مما أدى إلى اضطرابات لدى الإمبراطورة ألكسندرا ، وبعد ثلاثة أشهر في فبراير 1917م استحوذت أزمة الغذاء والمجاعة على العديد من المدن الروسية
حيث دفعوا ثمن الحرب العالمية الأولى فلقد استنزفت موارد البلاد ، وانغمس الناس في الإضرابات وأعمال الشغب في جميع أنحاء البلاد ، وارتفع فلاديمير لينين كزعيم ثورة ضد القيصر وكان حزبه يعرف بالبلاشفة ، فتخلى نيكولاس الثاني عن العرش وهرب ، وبحلول ربيع عام 1917م كان لدى الموالين للينين الفرصة لاكتساح السلطة ، وكانت العائلة المالكة بالتالي غير آمنة ، لأنه إذا عثر عليهم الثوار فسيُقتلون
الأيام الأخيرة :
تم احتجاز ألكسندرا وأطفالها الخمسة ونيكولاس الثاني في ايكاترينبرج ، وهي مدينة في سيبيريا يسيطر عليها البلاشفة ، وهكذا احتجز الثوار العائلة المالكة تحت الإقامة الجبرية في أبريل 1918م ، وعانى الرومانوف في أيامهم الأخيرة وتملكهم الخوف ، وفي ليلة 16 يوليو 1918م حشد البلاشفة جميع أفراد العائلة إلى الطابق السفلي من منزل إيباتيف كما لو كان يتم الترتيب لصورة عائلية ، وتم إعدام كل أفراد العائلة المالكة من أسرة رومانوف ؛ نيكولاس وألكسندرا وبناتهم الأربعة وابنهم المراهق
مر الكثير من الوقت بين عمليات الإعدام الخاصة بهم واكتشاف أجسادهم في عام 1979م ، مما سمح لأساطير محيطة بهروب محتمل بالظهور ، إحدى هذه الأساطير هي أن آناستازيا ابنة ألكسندرا نجت من الموت ، فقد كان يُعتقد أن صدمة مثل هذا التمرد القاتل لا يمكن تصديقها في العالم بأسره في مثل ذلك الوقت ، وهكذا أصبحت هناك قصص كثيرة عن الناجين ، لكن في الواقع كانت نهاياتهم بشعة
حيث أظهرت عمليات الحفر التي أجريت في عام 1979م على جثثهم ، أنه لم يتم إطلاق النار عليهم أو طعنهم عند الإعدام فحسب ، بل أيضًا تم صب الحامض عليهم بعد وفاتهم وتركوا في حفرة غير معلومة ، لكن يبقى السؤال الأكبر بلا إجابة : ما الذي كان سيحدث لعائلة رومانوف لو حكمت ألكسندرا وطنها بشكل أفضل ؟ ربما لم تكن الثورة الروسية ستندلع ، وربما أن تاريخ بقية القرن العشرين كان سيتغير بشكل جذري !